هل المجد إلا السؤدد العود والندى ... وجاه الملوك واحتمال العظائم
فلما فرغ الزبرقان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم يا حسان، فأجب الرجل» ، فقال حسان:
إن الذوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضى بهم كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وكل الخير يصطنع
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع فى أشياعهم
سجية تلك منهم غير محدثة ... نفعوا
إن كان فى الناس سباقون بعدهم ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
إن سابقوا الناس يوما فاز سبقتهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
أعفة ذكرت فى الوحى عفتهم ... أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا
لا يبخلون على جار بفضلهم ... لا يطمعون ولا يرديهم طمع
إذا نصبنا لحى لم ندب لهم ... ولا يمسهم من مطمع طبع
نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ... كما يدب إلى الوحشية الذرع
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم ... إذا الزعانف من أظفارها خشعوا
كأنهم فى الوغى والموت مكتنع ... وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع
خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ... أسد بحلبة فى أرساغها فدع
فإن فى حربهم فاترك عداوتهم ... ولا يكن همك الأمر الذى منعوا
اكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... شرا يخاض عليه السم والسلع
أهدى لهم مدحتى قلب يوازره ... إذا تفاوتت الأهواء والشيع
فإنهم أفضل الأحياء كلهم ... فى ما أحب لسان حائك صنع
إن جد بالناس جد القول أو شمع
وذكر ابن هشام «١» عن بعض أهل العلم بالشعر من بنى تميم، أن الزبرقان بن بدر لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وفد بنى تميم، قام فقال:
أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا ... إذا اختلفوا عند احتضار المواسم
بأنا فروع الناس فى كل موطن ... وأن ليس فى أرض الحجاز كدارم
وأنا نذود المعلمين إذا انتخوا ... ونضرب رأس الأصيد المتفاقم
وأن لنا المرباع فى كل غارة ... نغير بنجد أو بأرض الأعاجم
(١) انظر: السيرة (٤/ ١٩١) .