للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجابة والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء. فحاز شرف مكة كله، وقطع مكة رباعا بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التى أصبحوا عليها.

ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع الشجر من الحرم فى منازلهم، فقطعها قصى بيده وأعوانه؛ فسمته قريش مجمعا، لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره، فما تنكح امرأة ولا يزوج رجل من قريش، ولا يشاورون فى أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم غيرهم إلا فى داره، يعقده لهم بعض ولده، ولا يعذر غلام إلا فى داره، ولا تدرع جارية «١» من قريش إلا فى داره، يشق عليها فيها درعها إذا بلغت ذلك، ثم تدرعه ثم ينطلق بها إلى أهلها.

ولا تخرج عير من قريش فيرحلون إلا من داره، ولا يقدمون إلا نزلوا فى داره.

فكان أمره فى قريش فى حياته ومن بعد موته كالدين المتبع، لا يعمل بغيره.

واتخذ لنفسه الندوة، وجعل بابها إلى المسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضى أمورها.

ولما فرغ قصى من حربه انصرف أخوه رزاح إلى بلاده بمن معه من قومه، فلما استقر فى بلاده نشره الله ونشر حبا، فهما قبيلا عذرة اليوم.

فهذا حديث قصى فى ولاية البيت بعد حليل بن حبشية وإخراج خزاعة عنه «٢» .

وخزاعة تزعم أن حليلا أوصى بذلك قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر، وقال: أنت أولى بالكعبة وبالقيام عليها وبأمر مكة من خزاعة فعند ذلك طلب قصى ما طلب.

قال ابن إسحاق: ولم يسمع ذلك من غيرهم؛ فالله أعلم.

وقد ذكر الواقدى الأمرين على نحو ما ذكر ابن إسحاق.

قال: وقد سمعنا فى ذلك وجها آخر، ذكر أن أبا غبشان رجلا من خزاعة، كان ولى الكعبة فباع حجابتها من قصى بن كلاب بيعا. وذكر غيره أنه باع منه مفتاح الكعبة بزق خمر. فلذلك قيل: أخسر صفقة من أبى غبشان.


(١) تدرع جارية: من درع: ودرع المرأة: قميصها وهو أيضا الثوب الصغير فى بيتها والجمع أدرع. وفى التهذيب: الدرع: ثوب تجوب المرأة وسطه وتجعل له يدين وتخيط فرجته. انظر: اللسان (مادة درع) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ١١٥) .