للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبى، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى، ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله جل وعز فيما أبلاه من ذلك، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا لنا هاهنا أحدا من قومه نسألهم عنه.

قال ابن عباس: فأخبرنى أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام فى رجال من قريش، قدموا تجارا، وذلك فى الهدنة التى كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، قال:

فأتانا رسول قيصر، فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء، فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس فى مجلس ملكه عليه التاج، وحوله، عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم، أيهم أقرب نسبا بهذا الرجل الذى يزعم أنه نبى، قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا، وليس فى الركب يومئذ رجل من بنى عبد مناف غيرى، قال قيصر: أدنوه منى، ثم أمر بأصحابى فجعلوا خلف ظهرى، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه، إنما قدمت هذا أمامكم لأسأله عن هذا الرجل الذى يزعم أنه نبى، وإنما جعلتم خلف كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله، قال أبو سفيان: فو الله لولا الحياء يومئذ من أن يأثروا على كذبا لكذبت عنه، ولكنى استحييت فصدقته وأنا كاره، ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ فقلت هو فينا ذو نسب قال: قل له هل قال هذا القول منكم أحد قبله؟، قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: قلت: لا، قال: هل كان من آبائه ملك؟

قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم قال: فهل يزيدون أو ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن دخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن الآن منه فى مدة، ونحن لا نخاف غدره، وفى رواية: ونحن منه فى مدة لا ندرى ما هو فاعل فيها.

قال أبو سفيان: ولم تمكنى كلمة أغمزه بها لا أخاف على فيها شيئا غيرها. قال:

فهل قاتلتموه؟، قلت: نعم، قال: فكيف حربكم وحربه؟، قلت: دول سجال، ندال عليه مرة ويدال علينا أخرى، قال: فما يأمركم به؟، قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عما كان يعبد أباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، فقال لترجمانه: قل له: إنى سألتك عن نسبه فزعمت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث فى نسب قومها، وسألتك: هل قال هذا القول منكم أحد قبله، فزعمت أن لا، فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله لقلت: رجل يأتم بقول قيل قبله،