للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمى فى قبيلى خثعم «١» : شهران وناهس، ومن تبعه من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهة، وأخذ له نفيل أسيرا فأتى به، فلما هم بقتله قال له نفيل:

أيها الملك لا تقتلنى فإنى دليلك بأرض العرب، وهاتان يداى لك على قبيلى خثعم، شهران وناهس، بالسمع والطاعة.

فخلى سبيله وخرج به معه يدله، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب ابن مالك الثقفى فى رجال ثقيف، فقالوا له: أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذى تريد. يعنون اللات، إنما تريد البيت الذى بمكة، ونحن نبعث من يدلك عليه.

فتجاوز عنهم. واللات بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة، فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة. فخرج أبرهة ومعه أبو رغال، حتى أنزله المغمس، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت قبره العرب، فهو القبر الذى يرجم الناس بالمغمس «٢» .

فلما نزل أبرهة المغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها.

فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله، ثم عرفوا أنه لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك.

وبعث أبرهة حناطة الحميرى إلى مكة وقال له: سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم، ثم قل له: إن الملك يقول لك: إنى لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لى بدمائكم. فإن هو لم يرض حربى فائتنى به.


(١) قال فى الروض الأنف: خثعم اسم جبل سمى به بنو عفرس لأنهم نزلوا عنده، ويقال: إنهم تخثعموا بالدم عند حلف عقدوه، وقيل: بل خثعم ثلاث: شهران، وناهس، وأكلب عند أهل النسب هو ابن لهيعة بن نزار.
(٢) المغمس: مكان يبعد عن مكة بثلثى فرسخ، وهو فى طرف الحرم فيه برك محمود فيل أبرهة حين توجه به إلى مكة لأخراب الكعبة بزعمه، والميم الثانية فى المغمس مكسورة وروى فتحها فأما الأولى فمضمومة.