للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأذل ربى ملكه ... فيها فأوفى بالنذور

يمشى إليها حافيا ... بفنائها ألفا بعير

ويظل يطعم أهلها ... لحم المهارى والجزور

يسقيهم العسل المصف ... ى والرحيض من الشعير

والفيل أهلك جيشه ... يرمون فيها بالصخور

والملك فى أقصى البلا ... د وفى الأعاجم والجزير

فاسمع إذا حدثت واف ... هم كيف عاقبة الأمور

ولم يزل شعراء أهل الجاهلية يذكرون ذلك فى أشعارهم معتدين بصنع الله فيه، وقد جرى على ذلك شعراء الإسلام، فقال الفرزدق بن غالب التميمى، يمدح سليمان بن عبد الملك بن مروان ويعرض للحجاج بن يوسف، ويذكر الفيل وجيشه:

فلما طغى الحجاج حين طغى به ... غنى قال إنى مرتق فى السلالم

فقال كما قال ابن نوح سأرتقى ... إلى جبل من خشية الماء عاصم

رمى الله فى جثمانه مثل ما رمى ... عن القبلة البيضاء ذات المحارم

جنودا تسوق الفيل حتى أعادهم ... هباء وكانوا مطرخيمى الطراخم «١»

نصر كنصر البيت إذ ساق فيله ... إليه عظيم المشركين الأعاجم

قال ابن إسحاق «٢» : فلما هلك أبرهة ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة، وبه كان يكنى، فلما هلك يكسوم ملك اليمن فى الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة.

فلما طال البلاء على أهل اليمن، خرج سيف بن ذى يزن الحميرى حتى قدم على قيصر ملك الروم، فشكا إليه ما هم فيه، وسأله أن يخرجهم عنه، ويليهم هو، ويبعث إليهم من شاء من الروم، فلم يشكه.

فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر، وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق، فشكا إليه أمر الحبشة، فقال له النعمان: إن لى على كسرى وفادة فى كل عام، فأقم حتى يكون ذلك؛ ففعل.

ثم خرج معه فأدخله على كسرى، وكان كسرى يجلس فى إيوان مجلسه الذى فيه تاجه، وكان تاجه مثل القلنقل العظيم، فيما يزعمون، يضرب فيه الياقوت والزبرجد


(١) الطراخم: جمع الطراخم وهو الممتلئ كبرا المتعظم.
(٢) انظر: السيرة (١/ ٦٩) .