للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ﴾: ولا تقتدوا بالشيطان (١) في قوله: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: ١٦] فتقعدوا بكلِّ منهجٍ من مناهج الدِّين؛ لقوله:

﴿تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ وطريق الحق وإن كان واحدًا لكنْ يتشعَّب إلى عقائد ومعارف حقَّةٍ، وفضائلَ وأخلاقٍ حميدة (٢)، وحدودٍ وأحكام كثيرةٍ، فكانوا إذا رأوا أحداً يسلك طريقاً منها أو يتكلَّم فيها منعوه وأَوْعَدوه وصدُّوه.

وقيل: كانوا يقعدون بالمراصد ويقولون لمن يريد شعيباً: إنه كذَّاب لا يَفتِنَنَّكَ عن دينك، كما كان يفعل قريش بمكة، ويُوْعِدون مَن آمَن به.

وقيل: كانوا يقطعون الطريق.

ومحل ﴿تُوعِدُونَ﴾ وما عُطف عليه النصبُ على الحال؛ أي: لا تقعدوا مُوْعِدين وصادِّين وباغيها عوجاً، و ﴿مَنْ آمَنَ﴾ مفعول ﴿تَصُدُّونَ﴾ على إعمال الأقرب، ومفعول ﴿تُوعِدُونَ﴾ محذوف لدلالته عليه، ولو كان مفعولَ ﴿تُوعِدُونَ﴾ لقال: وتصدونهم، إلا أن يُجعل ﴿تَصُدُّونَ﴾ بمعنى: تُعْرضون، لازماً.

والضمير في ﴿بِهِ﴾ لـ ﴿اللَّهِ﴾؛ أي: تُوعدون وتصدُّون مَن آمن بالله عن سبيله ﴿وَتَبْغُونَهَا﴾؛ أي: تطلبون سبيلَ الله عوجاً تصفونها للناس بالعوج، وأنها مُعوجَّة وغيرُ مستقيمة فلا تسلكوها، أو بإلقاء الشُّبه.

وقيل: الضمير المذكور راجع إلى (كلِّ صراط)؛ أي: تُوعدون مَن آمَن به وتصدون عنه، فوُضع الظاهر الذي هو (سبيل الله) موضعَ الضمير تقبيحاً لِمَا كانوا


(١) في النسخ: "ولا تقعدوا الشيطان" والتصويب من "الكشاف" (٢/ ١٢٨).
(٢) في (م) و (ك): "جميلة".