للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾: كن خليفتي فيهم ﴿وَأَصْلِحْ﴾ ما يجب أن يُصلح من أمورهم، أو: كن مصلِحاً فيهم.

﴿وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾؛ أي: لا تتَّبع المفسدين في سبيلهم، كقوله: ﴿لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ [يوسف: ٥٢]؛ أي: لا يهدي الخائنين في كيدهم، وهو أسلوب بديعٌ لم يتنبه له الناظرون في كلام الله تعالى، ويجوز أن يكون على طريقةِ التَّضمين؛ أي: ولا تسلك سبيل المفسدين متَّبعاً لهم.

* * *

(١٤٣) - ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا﴾: لوقتنا الذي وقَّتنا له وحدَّدناه، واللام للاختصاص؛ أي: اختَصَّ مجيئه بميقاتنا.

﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ بغير واسطةٍ، كما يكلِّم الملائكةَ، وروي أنه كان يسمع ذلك الكلامَ من كل جهةٍ، وذلك لأن الله تعالى ليس في جهةٍ، وكلامَه ليس من جنس كلام المحدِّثين.

والعدول عن الظاهر وهو: وكلَّمناه، إلى ما ذكر كالعدول عن: ميقاتنا، إلى ﴿مِيقَاتُ رَبِّهِ﴾ والنكتةُ مشترَكة بينهما.

﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾: أرني نفسك بأنْ تتجلَّى لي فأنظرَ إليك وأراك، وهو دليل على أن رؤيته تعالى جائزةٌ في الجملة؛ لأن طلب المستحيل على الأنبياء