للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وينهاه، ثم انكشف الغمام، فأقبلوا إليه وقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] فأخذتهم الرجفة فصُعقوا منها.

﴿فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ الاهتزاز والتمايل للهول العظيم، وقيل: هي رجفة الجبل.

﴿قَالَ﴾ موسى : ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ تمنى هلاكه وهلاكهم قبل أن يرى ما رأى، كما يقول المبتلَى ببلية: لو شاء الله لأهلكني قبل هذا، واستَرْحَم الله تعالى فقال: إنك قدرت أن تُهلكنا بسببٍ آخر؛ كإقدار فرعون علينا والإغراق بالبحر وغيرهما، فترحَّمت وأنجيتنا، فإن ترحَّمت مرة أخرى لم يَبْعُد من عَميم إحسانك.

﴿أَتُهْلِكُنَا﴾ جميعًا ﴿بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ من التجاسُر على طلب الرؤية، وكان القائل بعضَهم فسفَّههم.

وقيل: المراد به عبادة العجل، واختيارُ موسى السبعين إنما كان لميقات التوبة، فغشيهم هيبةٌ قلقوا (١) منها ورجفوا حتى كادت تَبين مفاصلهم، وأشرفوا على الهلاك، فخاف عليهم موسى ، فبكى ودعا فكشفها الله تعالى عنهم.

﴿إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ﴾: ابتلاؤك (٢) حين أسمعتَهم كلامك فطمعوا في رؤيتك، أو: أحدثتَ في العجل خُوارًا فضلُّوا به، والضمير للفتنة.

﴿تُضِلُّ بِهَا﴾: بالفتنة ﴿مَنْ تَشَاءُ﴾ ضلالَه بالتجاوز عن حدِّه واتِّباعِ المخايل.


(١) في النسخ: "فألقوا"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٣/ ٣٧) والكلام منه.
(٢) في (ف) و (ك): "ابتلاؤهم".