للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقهره فلا يناسب الحكمَ تعطيلُه، وفيه تنبيهٌ على سبب خلقه تعالى مَن لا حظ له في (١) الاهتداء.

﴿كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ قدَّم الجنَّ على الإنس لأن الكلام في مقام التحقير والإذلال، وهم المطبوع على قلوبهم الذين علم الله أنه لا تَنجَع فيهم الدعوة إلى الحق والآيات.

﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ إذ لا يُلقُون أفهامَهم إلى النظر في الدلائل، ولا أذهانَهم إلى طلب الحق ومعرفته.

﴿وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا﴾، أي: لا ينظرون بها نظرَ اعتبارٍ إلى ما خلق الله تعالى.

﴿وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ آياتِ الله تعالى سماعَ تدبُّر وتأمُّل، فكأنه لا إدراكَ لقلوبهم ومشاعرهم.

﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ﴾ لمَّا لم ينتفِعوا (٢) بقلوبهم ومشاعرهم جعَلَها مسلوبةَ الفهم الإدراك ثم شبَّههم بالأنعام في عدم الفقه والاعتبار والفهم، أو في أن مشاعرهم لا تتوجه إلا إلى اللذات الحسِّية وأمورِ المعاش، لا تطمح أبصارهم ولا تلتفت بصائرهم إلى أمور المَعاد.

﴿بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾؛ لأنها مع عدم العقل تجتنِبُ المضارَّ وتجلبُ أسباب المسارّ، بخلاف الكفار فإنهم على عكس هذا، كيف وهم يصرُّون على الكفر والإنكار؟ والإصرارُ يُورثُهم الإضرار في هذه (٣) الدار ودارِ القرار.


(١) في (م): "من".
(٢) في (م): "ينفعوا".
(٣) في (م): "هذا".