للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ أي: عن الساعة ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾، حَفِيَ عن الشيء: إذا بالغ في السؤال عنه، والتركيبُ للمبالغة، ومنه إحفاءُ الشارب، واحتفاءُ (١) البقل: استئصاله، وأحفى في المسألة: إذا أَلْحفَ، فالمعنى: عالمٌ بها علمًا متقَنًا لأن مَن بالَغَ في المسألة عن الشيء استَحْكَم علمُه [فيه] وأَتقن، ولهذا عُدِّي بـ (عن)؛ أي: كأنك بليغ في السؤال عنها حتى أحكَمْتَ علمَها.

وقرئ: (حفيٌّ بها) (٢)؛ أي: عليمٌ بليغ في العلم بها.

﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ كرَّره بتكرير ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ لِمَا نِيطَ به من زيادةِ قوله: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ للتأكيد والمبالغة.

﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنَّ (٣) علمَها عند الله تعالى لم يؤتهِ أحدًا مِن خَلْقه.

* * *

(١٨٨) - ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾: جلبَ نفعٍ ودفعَ ضرٍّ، وهو إظهار العبودية، وتبرّأ عما يختصُّ بالربوبية من علم الغيب؛ أي: كسائر المماليك والعبيد لا أملك لنفسي شيئًا ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ من ذلك فيُلهمني إياه ويوفِّقني له.

﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾: ولو كنت أعلمه


(١) في (ف): "وإخفاء"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ١٨٤).
(٢) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٧) عن ابن مسعود، و"المحتسب" (١/ ٢٦٩).
(٣) في (ف): "أي"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي" (٣/ ٤٤).