للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا المس فهو أقوى من الإصابة؛ لِمَا في مفهومه من قيدٍ زائد عليها (١)، وهو أنْ تتأثر منه حاسَّة الممسوس (٢)، فإيثاره هنا على الإصابة للدِّلالة على أن عذاب الله تعالى وإنْ كان في غاية (٣) يتأثر منه مَن يصيبُه.

﴿مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾؛ أي: ولئن مسَّهم أدنى شيءٍ من العذاب الذي يُنذَرون به لأذعنوا واعترفوا بظلمهم في تصامِّهم وإعراضهم، داعين على أنفسهم بالويل.

* * *

(٤٧) - ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾.

﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ﴾: صفة ﴿الْمَوَازِينَ﴾، ولم يُجمَع لأنَّه مصدر وصفت به للمبالغة كلِّها في أنفسها، عدل، وجاز أن يكون على حذف المضاف؛ أي: ذواتِ القسط، وقد سبق ما يتعلَّق بوضع الموازين في سورة الأعراف، وما يدل على أنَّه حقيقةٌ لا تمثيل.

واللام في: ﴿لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ للوقت؛ أي: في يوم القيامة.

وقيل: معناه: لجزاء يوم القيامة، أو لأهلهم؛ أي: لأجْلهم، على الحذف.


(١) في هامش (س) و (ف): "والقاضي مع اعترافه بهذا على ما صرح به في سورة البقرة كيف قال هنا: (وفيه مبالغاتٌ: ذكرُ المس .. ). منه".
(٢) في النسخ: "المحسوس"، والصواب المثبت. انظر: "روح المعاني" (١٧/ ١١٢). ولم يرتض الآلوسي هذا الكلام.
(٣) لعل المراد: "في غاية القلة".