للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه لا يغمط حقّ شاعره، فيما زاد على المعنى فيضيف: «والعامريّ عمّر هذا الطريق» «١» .

وليس اعتناؤه بالسرقات الأدبية من الشعراء الأعلام السابقين كطرفة وأبي تمام البحتري والمتنبي فحسب بل إنه يكشف السرقة من الشعراء المعاصرين أيضا، فقد قال في أبي العباس أحمد البيّادي «أخذه من الحاكم أبي حفص المطوّعي» .

ونلاحظ تارات أنه يبدي رأيه حول قضايا اشتهرت في عصره، كشهرة أبي العلاء المعرّي بالوقوف بين التديّن والالحاد، فيقول: «ولكن ربما رشح بالالحاد إناؤه» «٢» .

كما أنه يحكي لنا حكاية الناس في كتابه الذي أحبّ أن يعارض به القرآن فيعطينا صورة جليّة للقضية.

المبالغة: مما يسترعي الانتباه في حديثنا عن نقده، بعد صراحته، ميله الى المبالغة، ورميه الرأي جزافا دونما عناية في بعض الأحيان. فكثيرا ما يطرح تعابير عامة حول بعض النصوص كقوله المتكرر: «ولم أسمع بأملح منها» .

ولعلّ قضية الجدّة في الموضوع وإن كان هزيلا، كما أسلفنا، من أهم الأمور التي تستوقفه، فجملته: «هذا أحسن ما قيل في معناه» متكررة كثيرا في ثنايا نقده. وقد يغير في التعبير فيقول: «هذا معنى ما له نهاية، وغاية في الاختراع ليس وراءها غاية» . وهدفه من ذلك كله أن المعنى جديد. وبلغت مبالغته حدّ الاسفاف عندما قال: «هذا معنى لم ينجب مثله فكر، وعندي الضمان على الدلالة أنه بكر» ، في البيت:

فهم كقوم علّقت بازائهم ... بيض المرائي والوجوه قباح»

ولم نجد في البيت هذه البراعة، ولم يدل لنا بذلك الضمان الذي في نفسه وتركنا حيارى ليغمسنا بمبالغة أقوى عندما جعل شعر أبي محمد المخزومي سحرا وليس شعرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>