للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البغدادي، وهو الذي عقدت مناسبة الآداب بينهما برباط الأخوّة، قال فيه:

«نظم هذا الكاتب مسفّ ونثره محلّق، فليته اقتصر على احدى الحالتين، وعمل بما هو أحذق فيه من الآلتين، فانّ لكل عمل رجالا ولكل مقام مقالا» «١» .

والعجب أن شعر هذا الشاعر ليس بالاسفاف الذي أشار إليه، كما أن الدمية حوت شعرا أركّ من شعره، ولم يشر إلى مثل ذلك. ولعل عدم اعجابه راجع إلى عدم وجود الصنعة فيها، أو كما قال في شاعر غيره: «هي من الصنعة مغسولة» .

ونراه يحكم على الشعر بقلّة نضجه بأن يشبهه بالحصرم والبسر «٢» في طريقهما الى النضج. كما أنه يصرّح بضعف شعر الحسن بن أحمد المكي، ف:

«لا تكاد لا تجد في شعره حلاوة ولا عليه طلاوة ولا له طراوة» . والحق معه، فقد تعذر علينا تقويم وزن قصيدته، وتفهّم بعض أبياته. وكثيرا ما يصبّ نقده على الشاعر المقلّ، وتسترعيه فكرة ضعف شعره فيرصف الرأيين أحدهما إلى الآخر بقوله: «وهو في الشعر من المقلّين، ولولا المحاباة لقلت من المخلّين «٣» .

ولعل وقفته في مقدمة حديثه عن الشريف الرضي صورة عميقة النقد واطالة مشكورة تبين ملامح مقام هذا الشاعر في ذلك الزمان.

وأهم ما امتاز به الباخرزي وقوفه على مواطن المعرفة في شتى المجالات التي تعين على توضيح ما يرمي إليه. ولعلّ النقد محكّ ثقافة المرء. ولا يترك الباخرزي سرقة أدبية أو اقتباسا أو تضمينا إلا وقف عنده وأشار- بصراحته التي عهدناها فيه- إليه.

وإذا اقتبس الشاعر نسيج أحد الشعراء سلّط المؤلف أضواءه عليه وكشفه للعيان. فيقول في أبي القاسم العامري: «.. ناسجا على منوال المتنبي حيث يقول:

أحقّ عاف بدمعك الهمم ... أحدث شيء عهدا بها القدم»

<<  <  ج: ص:  >  >>