ووصف فيه ان واحدا تقدم إلى خباز يشتري الخبز فدفع الدراهم الى صاحب الحانوت فكان يزنها والخبّاز يخبز والمشتري واقف فمات الثلاثة في الحال واشتدّ الأمر على عامة الناس فلما قرا الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القاري «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ»[النحل/ ٤٥] ونظائرها وبالغ في التخويف والتحذير.
وأثر فيه ذلك وتغير في الحال وغلبه وجع البطن من ساعته وانزل من المنبر وكان يصيح من الوجع وحمل الى الحمام الى قريب من غروبالشمس، فكان يتقلب ظهرا لبطن ويصيح ويئنّ فلم يسكن ما به فحمل الى بيته وبقى فيه سبعة أيام لم ينفعه علاج، فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار سكرة الموت فودّع أولاده واوصاهم بالخير ونهاهم عن لطم الخدود وشق الجيوب والنياحة ورفع الصوت بالبكاء.
ثم دعا بالمقري أبي عبد الله خاصته حتى قرأ سورة يس وتغيّر حاله وطاب وقته.
وكان يعالج سكرات الموت الى ان قرأ اسناد ما روي ان رسول الله (ص) قال:
«من كان اخر كلامه لا اله الّا الله دخل الجنة».
ثم توفي رحمه الله من ساعته عصر يوم الخميس وحمل جنازته من الغد عصر يوم الجمعة الى ميدان الحسين الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربع مائة واجتمع من الخلائق ما الله أعلم بعددهم، وصلّى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى، ثم نقل الى مشهد أبيه في سكة حرب ودفن بين يدي أبيه وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة فكان وفاته طاعنا في سبع وسبعين من سنّه.
وسمعت خالي أبا سعيد يذكر مجلسه في موسم من ذلك العام على ملأ
= الوباء ببخارى حتى قيل انه مات فى يوم واحد … الف انسان من اعمال بخارا وهلك من هذه الولاية فى مدة الوباء الف الف وستمائة الف وخمسون الف انسان وكذاك كان بسمرقند ووجدميت وقد دخل تركى لياخذ لحافا عليه فمات التركى وطرف اللحاف فى يده والطرف الآخر على الميت وبقيت اموال الناس مشمرة والمواريث ليس لها من ياخذها وكان الفقيه عبد الجبار بن احمد بدار الحوز خانة ومعه سبعمائة فقيه لم يبق منهم غير اثنى عشر نفسا.