للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٣) إلا الصبي والمجنون والفقير ومن يخالف دينه دين القاتل

(٢٤) ويرجع في تقدير ما يحمله كل واحد منهم إلى اجتهاد الإمام، فيفرض عليه قدرا يسهل ولا يشق

(٢٥) وما فضل فعلى القاتل، وكذلك الدية في حق من لا عاقلة له

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

مسألة ٢٣: (إلا الصبي والمجنون والفقير ومن يخالف دينه دين القاتل) وذلك؛ لأن تحمل العقل على سبيل المواساة فلا يلزم الفقير كالزكاة، ولأن حمل الدية وجب على سبيل النصرة، والصبي والمجنون ليسا من أهلها فلا يلزمهم العقل، وكذلك المرأة، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ لا يعقلان مع العاقلة، وأجمعوا على أن الفقير لا يلزمه شيء لما سبق، ومن يخالف دينه فليس من أهل نصرته وموالاته فلا يعقل عنه كالصبي.

مسألة ٢٤: (ويرجع في تقدير ما يحمله كل واحد منهم إلى اجتهاد الإمام، فيفرض عليه قدرا يسهل عليه ولا يشق) ؛ لأنه لم يرد فيه تقدير من الشرع فيرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم؛ لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد فأشبه النفقات وتقدير المتعة للمتزوجة بغير صداق إذا طلقها قبل الدخول.

مسألة ٢٥: (وما فضل عن العاقلة فهو على القاتل، وكذلك الدية في حق من لا عاقلة له) حكم من لم يكن له عاقلة تحمل الجميع كحكم من لا عاقلة له، وقد ذكر الخرقي فيمن لا عاقلة له روايتين: إحداهما: يؤدى عنه من بيت المال؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودى الأنصاري المقتول في خيبر من إبل الصدقة، ولأن بيت المال للمسلمين وهم يرثون كما ترثه عصباته، والرواية الأخرى: لا يجب ذلك؛ لأن بيت المال فيه حق النساء والصبيان والمعتوهين والفقراء ولا عقل عليهم، ولأن العقل بالتعصيب لا بالميراث ولم يثبت أن مال بيت المال لعصبات هذا، فأما تحمل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دية الأنصاري فلا يلزم؛ لأنه قتيل أهل الذمة وبيت المال لا يعقل عنهم، فإن قلنا بالرواية الأولى فلم يكن له عاقلة أصلا أخذ من بيت المال، وإن كان له من عاقلته من يحمل بعض الدية فرض عليهم على قدر الواجب عليهم والباقي من بيت المال، فإذا لم يمكن الأخذ من بيت المال فقال الشافعي: ليس على القاتل شيء في أحد قوليه، وفي الآخر تكون الدية على القاتل؛ لأن الدية تجب عليه ابتداء ثم تحملها العاقلة عنه، فإذا لم يكن متحمل بقيت عليه، ولعموم

<<  <   >  >>