مسكه، ويعرف أدنى فضيلة دع من يرجع إلى قوله وينتهي إلى صواب أمره، ويتهادى فنون سيرته وحاله النهي عن مثله والزجر عن ركوب ما هو دونه بكثير؟! فكيف لم يتهم نفسه، ولم يتعقب رأيه، ولم يشاور نصيحاً له! أهذا كله بسبب حال لو أنها كانت تنكشف عنه بما يتمنى بعد انحسارها إلى كثير مما ينسى معه القاسي؟ وقد علم أن أدنى ما في هذا الفعل المكروه بالعقل، الفاحش بالسماع، المقشعر منه بالطبع، ما يجب عليه التوقي بسبب ما قد انتشر بالشرائع وأجمع عليه الأول والآخر من كل جيل وطرف، في النهي عنه واستسقاط ما أقدم عليه؟ لأنه أمر متى ركب بالظن والتوهم للذين لم يؤيدا ببصيرة من عقل ولا عرضاً على عاقل، ثم استبان له في الثاني عوار ما آثره وخطأ ما عمل به، فاته التلافي ولم يمكنه الاستدراك ولا الرجوع! فلو لم يكن في هذه إلا ما يوجب عليه الشغل والاستبصار من أجل ما قاله العقل أو ورد به الإنباء بالعقل والوحي، لوجب أن لا يلقي بيده إلى التهلكة، ولا يختار ما يهجنه عليه أهل الروية والبديهة وأصحاب الديانة والمروءة، ولا ينقض العادة القائمة، ولا يخالف الآراء الحصيفة، ولا يستبدل برأي الطبيعة؟ فكيف وقد قضى العقل قضاء جزماً، وأوجب النظر إيجاباً حتماً، أنه لا يجب أن يفرق الإنسان بين هذه الأجزاء الملتحمة والأعضاء الملتئمة، وليس هو رابطها ولا هو على الحقيقة مالكها، بل هو ساكن في هذا الهيكل لمن أسكنه فيه وجعل عليه أجرة السكنى بعمارة المسكن وحفظه وتنقيته وإصلاحه وتصريفه على ما يعينه على طلب السعادة في العاجل والآجل؟! وكان سعيه مقصوراً على التزود إلى مبوأ صدق، ولا بد له من المصير إليه والمقام فيه، على أمر شامل، وخير غامر، وراحة متصلة، وغبطة دائمة، وحبور مستصحب. يث لا آفة ولا حاجة، ولا أذى ولا حسرة ولا أسف، ولا كمد، ولا فوت ولا تعذر. وهذا مع السيرة المرضية