إلى الاضمحلال والنكول، وسكون العقل إلى الكمال والمحصول. وقال: إنما الحركة التي نعتقد لها ضداً، أعني السكون، هي الحركة التي للقفار وبلاد الحس، فأما الحركة لنوع السكون فلا ضد لها بوجه، لأن العقل كل بمعنى واحد، وواحد بمعنة كل. وله هذا باشتمال العلة الأولى عليه واقتباسه منها، وقد وضح أن السكون عدمها، فكيف يكون ههنا وجود؟ قيل له في هذا المكان: فالعالم ساكن أو متحرك؟ فقال: لو كان متحركاً الحركة المعروفة لقلق وارجح، ومال وتهافت، ولو كان ساكنا لبقي ذلك على حال، ولكنه متحرك حركة استداره، فلذلك ما يظن به السكون. وساكن لسكون قابل للفيض، فلذلك ما يظن به الحركة. فالتشوق حركة، ولكن عقلية. والدوام على التشوق سكون ما، ولكن عقلي، فكل ما قد فاض من العلة الأولى ويقبله المعلول الثاني، وهو موجود على مراتبه المتباينة ودرجاته المختلقة، بين الطرف الأدنى إلى الطرف الأقصى ومع ذلك فقد وقف الجميع تجاه كل متصفح، وقبالة كل باحث، فليس بذهب من جميع ذلك بشيء إلا بسوء الاختيار، وقلة الإقتداء بالأفضل الأخيار حفظك الله، ولو انتفعنا ببعض هذه الفقر الكريمة سعدنا ونلنا منيتنا، فسل ربك ذلك بالتضرع إليه، والخضوع بين يديه، مع العبادة الدائمة، والبحث اللطيف، والتؤدة المعتادة، والإحسان إلى البرية، فإنك تعطي بغيتك، وتبلغ غايتك، وتنول سعادتك، إن شاء الله تعالى.
المقابسة الرابعة والثلاثون
في أن الموجود على ضربين موجود بالحس وموجود بالعقل
سمعت البديهي يقول وكان صحب يحيى بن عدي دهراً، وهو حملني