لم يشهد الأوجد وإلا واحد وإلا ما اخترعته لفظي ولا بيان له قوى؟ فائتة في هذه المضايق بقوى نفسك وتهدي عقلك، ودع عنك الغامض وغامض الغامض فإن ذلك يهيضك ويكدك.
المقابسة الرابعة بعد المائة
في أن الأشياء كمالها محرك أول
فلم لا يكون لها مسكن أول؟
حضرت أبا سليمان يوماً فقيل له: إذا كان للأشياء محك أول فلم لا يكون لها مسكن أول؟ لأ، الأشياء تسكن تارة وتتحرك آخرى؟ فقال: الأشياء تتحرك كما قلت وتسكن، ومعنى تسكن أنها لا تتحرك فمحركها في الحقيقة هو مسكنها، لأنها إليه تتحرك إذا تحركت، وبه تسكن إذا سكنت، ولو سكنت بغيره لا حتاجت في التحريك إلى محرك، وفي التسكين إلى مسكن غيره، ولكانت إما أن تأتلف السكون من جهة المسكن، أو تأتلف الحركة من جهة المحرك، وكانت تستمر على الحركة والسكون، أو كان المسكن لا يخليها فتتحرك بالمحرك، وكان المحرك لا يدعها فتسكن.
والوحدة التي تكرر الإيماء إليها، وترددت العبارة على ألطف الوجوه عنها، في هذا الكتاب، تأبي هذا الوصف وتمتنع من هذه السمة. وذلك أن المحرك هو المسكن، والمسكن هو الأول، لانقسام الأول المحرك بين الحالين المختلفتين، ولكن لانقسام الموجودات التي من شأنها الانفعال بالحركة مرة، وبالسكون مرة، ولو كانت الأشياء تحتاج في كل عرض إلى من تنسب إليه لبطل التوحيد رأساً، أعني أنها كانت إذا تضامت تحتاج إلى ضام لها، وإذا تبددت تحتاج إلى مبدد لها، وعلى هذا سائر السمات، وليس يطرد هذا البحث ولا يلزم هذا الإعتراض، بل المحرك الأول بالتحريك الأول