صناعي وآلهي يحييها ويؤنسها وينفي وحشتها ويعللها، ويستعمل بذلك فوقها، إلى الأول الحق الذي هو أول بالإطلاق، واستكمالها ذلك الشوق هو استدامتها لحالها. وثباتها في صورتها، وطربها على ما حصل لها.
والكلام في الأول والمبدأ في كل ما ضرب فيه بسهم وانتهى إليه بوجه لا يمل ولا يمل ولا يشبع منه. ولولا أن بضاعتي في هذا الفن مزجاة، وعبارتي عنه منقطعة، لكان ما يعقل من ذلك ويستبان أبين مرأى وأحلى مسمعاً، وعلى كل حال فقد كتبت ما أمكن التصرف فيه والشغل به، والزيادة على ذلك تقتضي بجزيل القول على تقدير السؤال والجواب والتمثيل والإيضاح، فإن نفس الله الخناق قيلاً وأزاح هماً لازماً، وجمع شملاً منقطعاً، أتيت على ذلك متوسعاً أو أطمت عليه متلافياً، إن شاء الله تعالى.
المقابسة السادسة والأربعون
في أقسام الموجود
قال النوشجاني يوماً في جملة كلام اقتضبه في أقسام الموجود: إن كل صنف من أصناف الموجود في حكم المعدوم لخساسته ونقصه وتهافته وفساد طبيعته، وطموس ضيائه، وقبح صورته، وإمحاء بهجته، وخمود شعاعه، وفقد تمامه، وتقطع نظامه، واستيلاء رذيلته، وبطلان فضيلته، فلا ينكر أن يكون في مقابلة صنف آخر من المعدوم في حكم الموجود بصحة صورته، ونفاسة جوهره، وكمال فضيلته، وظاهر عفته ونجدته، وبهاء همته، وغلبة عدالته، ونقاء سنخه، وصفاء سوسه، وطهارة عينه، وظاهر زينته، دوام نضرته، وتناسب جملته وتفصيله، وسائر ما لا يحيط القول به.