علما فوق علم، بالموضوع أو بالصورة، وعلماً دون علم، بالفائدة والثمرة. وهذا المعنى الذي أشير إليه يصح لك، ولو فرضت نفسك عالمة كل شيء لكنت حينئذ لا يحضرك علم دون علم، بل كنت تطلع على جميعه بنوع الوحدة، مع اختلاف مراتبه من نواحي مواده وصوره، وفوائده وثمره، وكنت تجدها كلها واحدة، لأن حد العلم كان يسبق من كل فن منها على ما هو به من غير خلل عارض، ولا فساد واقع.
قال الأندلسي: قد كنا أيها السيد نترامى هذه المسألة تحقيراً لها وامتهاناً لقدرها، وفيها هذا الجواب الذي لو رحل إليه من قطر شامع، وغرم عليه مال كثير، لكان ذلك دون حقه؟ وما أكثر ما يحقر الشيء فيصير صلة لشيء لا يحقر! لولا أن عمري يستهلكه النحو لكنت ألبس لهذا العلم صدار المنكمش، وأصبغ نفسي صبغة المتحققين!
المقابسة العاشرة
في فعل الباري تعالى
هل هو ضرورة أو اختيار أو ماذا؟
قال أبو زكريا الصميري لأبي سليمان: إذا كان الباري لا يفعل ما يفتعل ضرورة ولا اختياراً، فعلى أي نحو يكون فعله؟ فإنه إن كان كاستنارة الهواء عن الشمس فهو ضروري، وإن