هذه المقابسة أثارها قولنا لأبي سليمان المنطقي: ما أحسن كلمات لبطليموس في الثمرة؟ فإنها كالشذور المنتخبة، والدرر الثمينة، والأعلاق النفيسة، ولقد شرفها أناس أفادوا فيها وأفادوا منها، وما أحوجنا إلى إخراجهن في الفلسفة الآلهية والطبيعية! فإنها توعي وتحفظ، وتروي وتلفظ، وتصير كالجواهر التي تصلح للذاخر، والأشجار التي تثمر في كل إبان، والمواد التي خير فيها الإنسان؟ فقال: خذوا إذاً من ذلك ما يسمح به الوقت، ويجود به واهب العقل، فإن فسح الزمان كررنا عليه بالتنقيح والإصلاح، وما يكون له كالشرح والإيضاح.
ثم قال: الطبيعة عش الكون والفساد؛ والكون والفساد ركبا من البقاء الكاذب، والبلي الصادق. والنفس معدن الفكر والوهم، وهما بابا التمييز والذهن والفهم. العقل نهاية الشرف والكمال، به يكون نيل السعادة الكبرى من العلة الأولى. والطبيعة كذوب لا تصدقك إلا بإكراه النفس. والنفس صدوق لا تكذبك إلا بإكراه الطبيعة، والعقل رقيب يحفظ، وشاهد يؤدي، وثقة يؤمن؛ فمن استشاره منتصحاً أصاب، ومن أضرب عنه مغتراً طاح وخرج عن إصابة الحق. وبين الفساد فيه فرق يفيت أو يفيد، فنظر أمراً لنفسه ذلك عدمان بهما يكون ويفسد ذلك وجود واحد به يبقى ويسعد. إنما دخل الخلل الإنسان من ناحية اعتداده في عالمه هذا