سئل أبو سليمان: هل يجوز أن يقال: الإنسان ذو نفس، كما يقال هو ذو ثوب وذو مال؟ قال: أما على التحقيق فلا، وذلك أن الإنسان قد يكون ذا ثوب وذا مال، وقد لا يكون، ويستحيل أن يكون الإنسان إنساناً إلا وهو ذو نفس، إلا على السعة والمجاز.
قيل له: فهل تقول: إن النفس ذات إنسان؟ قال: لا، لأنها غنية عن الإضافة، ألا ترى أنه لا يقال إن الثوب ذو إنسان، وإن اليد ذات إنسان، كما يقال الإنسان ذو ثوب؟ وذويد؟ لأنه لا حاجة بالثوب إلى الإنسان، وإنما الحاجة بالإنسان إلى الثوب واليد.
ثم قال: واعلم أنه ينبغي أن يفهم من قولنا: الإنسان ذو نفس، أنه بالنفس إنسان، لأن الإنسان عرف بالنفس أنه إنسان. ومما يزيدك بياناً أنك إذا قلت: ذو نفس، فقد أضمرت في الإنسان نفساً في الأول، ثم ميزته بعد بقولك: ذو نفس. وهذا رجوع فيما أعطيت، ألا ترى أنك إذا قلت: الإنسان ذو ثوب، لم يتضمن الثوب في الإنسان، بل تميزه منه حتى تكون إشارتك إلى هذا غير إشارتك إلى هذا؟ فقد انكشف أن الإنسان لا يقال هو ذو نفس إلا على سعة وتجوز؛ ومما يزيدك أيضاً استبانة أن معنى الملك يستحيل في هذا الكلام، وقولك: الإنسان ذو ثوب، إيضاح للملك والملك غير المملوك، وليس الإنسان مع النفس، فإنه لا يملك النفس، بل النفس تملكه، ألا ترى أنها تصرفه وتكلفه وتستعمله وتستكمله؟ فأين معنى الملك الذي يقتضيه اللفظ في جميع نظائر هذا القول؟ والسلام.