فقال: وقع ما وهي يحتاج إلى تدبير قد فات أوله من جهة صاحبه الأول، ومن كان أولى به، وكان كالأب له، وذلك شبيه بعلم الغيب، وقل من ينفذ في حجب الغيب مع العوائق التي دونه، وليس كذلك إذا افترع هو كلاماً، وابتدأ فعلاً، واقتضب حالاً، يستقل حينئذ بنفسه ولا يحتاج فيه إلى شيء كان من غيره، أو يكون تعلقه بيقظته يعطيه تمام ما قد فتح عليه سده، وقدح عليه زنده، ولم يكن هكذا حاله في كلام معروض عليه لم يهجس قط في نفسه، ولا أعدله شيئاً من فكره، فقد يعجزه ما لم يتأهب له ولم يرض نفسه عليه؛ نوفي الجملة: كل مبتدئ شيئاً فقوة البدء فيه تفضي به إلى غاية ذلك الشيء، وكل متعقب أمراً قد بدأ به غيره فإنه بتعقيبه يفضي إلى حد ما بدأ به في تعقيبه ويصير ذلك مبداله، ثم تنقطع المشاكلة بن المبتدئ وبين المتعقب.
المقابسة الثالثة عشرة
في قول القائل العلة قبل المعلول
لا مدخل للزمان فيه
قال يحيى بن عدي: قول القائل: العلة قبل المعلول لا مدخل للزمان فيه، وكذلك قول النحويين: الاسم قبل الفعل لا يتضمن معنى الزمان، وكأنه جار في فضايا الدهر؛ والفرق بين الزمان والدهر بين.
ولعله سيمر في موضع من هذا الكتاب.
قال له البديهي: فقولنا: الأب قبل الابن، أين هو من الزمان؟