الحكمة، وفي معرفة فضل الإنبعاث على اكتسابه والاستكثار منه، فإن الحكمة سكينة آلهية، وحلية ملكية، وقنية عقلية، وقد أطلقه الناموس الحق على الله عز وجل، فما ظنك بما يبعث رب العالمين به وخالق الخلائق أجمعين ثم يبحث به بشر خلق من الماء والطين، وأبرز لعيون الناظرين، تبارك الله رب العالمين.
المقابسة الثانية بعد المائة
في أن كل شيء في اليقظة يجوز في المنام
إلا التركيبات
قال بعض أصحابنا: كل شيء أجوزه من آثار النفس فإني أجوزه في اليقظة، وكل شيء أجوزه في اليقظة أجوزه في المنام، إلا التركيبات، لأن النفس تخترع بها أموراً لا تستجيب المواد لها. قال: وإنما أعني بما أجوزه الإنذارات والإطلاعات وقوة الكهانة وما أشبه ذلك.
وهذا الذي قاله هذا الشيخ يحتاج إلى شرح، ولعمري للنفس هذه القوة، وهي لها بالحق والواجب، ولكن البيان عن كون ذلك على التحقيق بالفعل عزيز، ولعل الزمان يتسهل فيمكن التخلف عليه بما يزيده شرحاً ووضوحاً إن شاء الله عز وجل، وعلى ذلك فإني أقول في هذه الحال ما تعين من الحق الذي إياه نقصد، وفي طلبه نسعى ونحفد، وأرجو أن لا يكون هذا الاعتزام والتجرؤ يعتاقني بعد ذلك الأستعفاء والتلافي، وليس ينبغي لنا أن نجترء على العلم منخدعين في طلبه فندعي ما لا نفي به، ولا يحسن بنا أن نتحل بما وهبه الله تعالى لنا وفتحه علينا فتوهمت أنا مقصرون فيه، وكما أن إظهار التشحح مع إخفاء الجود قبيح، فكذلك إظهار التفاخر مع كتمان القدرة قبيح، الخير أبداً بين الطرفين والوسط مطلوب كل ذي عقل وعين، فإذاً