سمعت النوشجاني يقول! وقد جرى حديث الصديق وحكى في عرضه الحد الذي للفيلسوف وهو: الصديق آخر هو أنت. ويقال: الصديق هو أنت إلا إنه بالشخص غيرك.
فقال: الحد صحيح، ولكحن المخحجوج غير موجود.
فتعجبنا منه، فلما رأى ما اعترانا: قال: تأيدوا وتثبتوا فليس التسرع بالإنكار من أخلاق بغاة الخير وسجايا طالبي الحق. إن الحد الذي قلتم حاكين عن الحكيم صنع من ناحية العقل المحدود وفرض في عالم الحس فتناصفنا هناك بالدلالة عليه لم يكن أن يوجد ها هنا بالإشارة إليه، وذلك أن الوحدة التي في العقل تصور كل شيء بصورته التي لا كثرة فيها ولات اختلاف والتعاند إما ظاهرين وإما خفيين. وقد صح أن الإنسان ذو طبيعة ومزاج وشكل وأعراض متفاوتة كثيرة، فإذا ما صادف آخر وهو أيضاً ذو طبيعة أخرى وخواص أخرى، إما زائدة على ما لصاحبه، وإما ناقصة عنه، عرض حينئذ التفاوت والإختلاف بالواجب لا محالة. فمتى يكون هذا الإنسان على ما وصفنا هذا الإنسان والحال على ما وقفت عليه وبانت لك حقيقته وأيهما ينبغي أن يتبع صاحبه ويأخذ عنه ويقتدي به ويأخذ بيده