للموجود لا محالة، فالرباط قائم، والتعلق بين، والله تعالى يجل عن هذه الرتبة لأنه لا واجد له، ولو كان له واجد لكانت مرتبة الواجد فوق مرتبة الموجود بدلالة سائر الأسماء والصفات.
قلنا له: قد قيل: معبود ومحمود وموجود، وما ضارع ذلك؟ فقال: أما إذا تجوزت في الكلام، وتفسحت في العبارة، فكل هذا على باج واحد. وإنما الخصوصية للذين دققوا في التوحيد من هذه الجهات الغامضة والإشارات اللطيفة. على أن الذين أباحوا هذه الأسماء أعاروه إياها لأنهم نقلوها عن غيرها ونعتوه بها؛ وذلك غاية طاقتهم، ومبلغ علمهم، ونهاية جهدهم.
ثم قال: إن أطلق الموجود على أنه اسم فقط جاز؛ لأن الموجود في الأول إنما اقتضى الواجد وصار مضمناً به، لأنه التبس بالصفة. فأما إذا جرد اللفظ من معنى النعت واستعمل على مدرجة الأسماء لم يكن كبير تقصير إلا من وجه واحد، وهو أن هذا الاسم بعينه هو صفة في مكان آخر. فالشركة حاصلة ضرورة، والتوحيد مباين للشركة، كانت الشركة مجازاً أو إشارة أو تثبيتاً وحقيقة. وهذا كما تسمع. وما أزيدك استبصاراً وتعجباً منه واستغراباً له، وهو نمط ما سمعته من صنف من أصناف الناس، فإن سرك فاستفده. وإن سقط عليك فدعه لأهله فلست الغيار على هذا الخلق.
المقابسة الواحدة والثلاثون
في أنه لو اقتضت إرادة الباري عدم البعث والنشر
لما قدح ذلك في ألوهيته
سمعت مقداداً يقول: لو انتهى غرض من تقدس وعلا في الإنسان مع هيئته المعروفة وحليته المألوفة، إلى أن يموت ثم لا يكون له بعث ولا نشور،