ويشير إليه إشارة روحانية بمطابقة عقله المفعول الأول حتى يصير هو هو، ويلحظ أثر الفيض الواصل إلى تلك الذات فقدر مشاركته إياه ونفي عنه جميع الصفات التي نفاها عنه المفعول الأول. ويقال لهذا الفعل منه توحيد، أي تجريد تلك الذات عن جميع الكثرات التي تتعلق على الذوات وتحيط بها من الصفات.
المقابسة الثالثة والثمانون
في أن اسم العقل يدل على معان كثيرة
قال أبو سليمان: اسم العقل يدل على معان، وتنقسم تلك المعاني إلى أقسام بحسب ما ينقسم كل ذي عقل. وذلك له ابتداء وانتهاء: واحدها وهو بمعنى الابتداء بالطبع، هو العقل الفعال، وهو الشبه الفاعل. والثاني بحسب الانتهاء، وهو العقل الإنساني ويسمى هيولانياً، وهو في نسبة المفعول. والثالث بحسب معنى الوسط وهو العقل المستفاد وهو في نسبة الفعل والعقل الإنساني الذي بمنزلة المفعول هو في حيز القوة التي يحتاج أن تخرج إلى الفعل، وحده أن الشيء الذي من شأن، الجزء منه أن يصير كلاماً، ومعناه أن في قوة كل واحد من هذه العقول الجزئية أن يدرك جميع المعقولات التي من شأنها أن تدرك. ولما كان الذي بالقوة يحتاج إلى شيء موجود بالفعل يخرجه إلى الفعل، كان ذلك الشيء هو العقل الفعال إذا اشتبه بفعل في شبيهه والمستفاد بمنزلة الفعل الملابس للقوة والفعل جميعاً.