على ما يليق به. وهو الذي جمع وفرق، وحرك وسكن، وأعاج وأبدى وأفاد، كل شيء ما كان محتملاً له، غير باخس ولا ناقص.
وهذا كلام من سره التوحيد، فليكن إكثارك له على قدره وقدر حظك منه. ثم قال: وعلى أن الأشياء بنظر آخر تنقسم انقاساماً آخر، وذلك أن منها ما سكونه طبيعة له، ومنها ما حركته طبيعة له، ومنها ما هو مهيأ للسكون في وقت وللتحريك في وقت، فلا يتحرك في وقت السكون ولا يسكن في وقت الحركة. فلو أن مجموع هذا الباب راجع إلى واحد متى تحرك شيء فإليه يتحرك، ومتى سكن شيء فيه يسكن، ومتى لزم شيء نهجاً واحداً فله يلزم، كان الخلل يدخل، والنظام يزول، والفساد يقع. فإن ظن من لا خبرة له ولا معقول عنده مع هذا أن الخلل والفساد قد وقعا بما تشاهد من تغير الأمور، وتصرف الدهور، وتلف الأنفس، وزوال النعم، وتنغص المرائر، واعتراض الآفات والعلل، فليعلم أن هذا ليس من قبيل ما كنا فيه. وذلك أن كل من أوجب الحركة العلوية بالفعل أوجب الحركة السفلية بالإنفعال، فبحسب ذلك تمزج هذه الأركان، ويوجد منها اختلاف الشأن. ولو كان هذا العالم السفلي ثابتاً على صورة واحدة كالعالم العلوي الذي هو على صورة واحدة، لكان لا خلاف بين العالمين، وكان لا يكون أحد العالمين أولى بتحريك الآخر من العالم الآخر بتحريكه، فحينئذ كان يسقط العلوي والسفلي فلا يبين الفاعل من المنفعل، ولا المؤثر من القابل، ولا البسيط من المركب، ولا البائد من الدائم، ولا الصافي من الكدر، ولا الطري من الداثر. وهذا كلام مرذول ليس عليه بهجة ولا نور. فالبواجب تحرك ما تحرك إلى واحد وسكن ما سكن بذلك الواحد، لأن هذه الفروع جارية على أصولها، وهذه الأواخر تابعة لتلك الأوائل، أعني أن كل هيولي مهيئة لصورتها الخاصة بها، وكل صورة مهيأة لهيولاها الخاصة لها. فلا تعادي ولا فساد ولا تظالم ولا