من المحيط، واستضاءة العقل من العقل الأول كاستضاءة العاشق من المعشوق وقد قال بعض الأوائل: لا يقال هذا حق ولكن يقال: هذا عدل بحق، لأن الحق أو العدل به وقد قيل لأفلاطون: فلان لا يعرف شيئاً من الشر؟ قال: فليس إذاً يعرف شيئاً من الخير. قال: فهذا مكشوف، لأنه يريد أن تكون الأمور متميزة عند الإنسان الفاضل. فإنه بعد تمييزها يختار منها، وفيها ما يجب أن يجتنب، وفيها ما ينبغي أن يكتسب. وإذا استعزت عليه ولم يوضحها التمييز بطل اختياره منها، وإذا بطل اختياره منها خيف عليه الهلاك فيها. قال بعض الطبيعيين: الدليل على أن الفعل غير الفاعل وغير المفعول، الصوت من اصطكاك الجرمين، والنغم من اليد والوتر. وقال بعض الأوائل: الطبيعة والعقل مكان النفس، والباري محيط بكل ذلك، وهو بكل مكان لا يخلو منه شيء، وهو العالم بكل شيء، لأنه علة كل شيء. ثم قال: وهذا على السعة المعروفة والمجاز المعتاد، وإلا فقولك علم ويعلم وعالم، خبر عن ضرب من ضروب الانفعال، والباري لا انفعال له بوجه البتة.
وقال: قال بعض الأوائل: حد الشيء الصناعي خارج عنه، وحد لشيء الطبيعي موجود فيه. قال: وإنما كان هذا لأن، الصناعي يصدر عن ذي هيولى بأداة جسيمة وآلة عملية، والطبيعي يبرز عماله صورة نفسية بأداة روحية وآلة لطيفة. فالطبيعة من الآلهة، لأنها تستملى عما فوقها وتملي على ما يتصل بها. وقال أيضاً: قال سقراطيس: لو قبل الماء السكون لكان أرضاً، ولو قبلت الأرض الحركة لكانت ماء، ولو كان الهواء حاد الزاوية لكان ناراً، ولو كانت النار منفرجة الزاوية لكانت هواء.
وسمعت أبا الحسن الحراني يقول: قرأت في كتبنا، يعني كتب الصابئين: إذا أردت أن تكثر النحل في مكان فضع نحلة من ذهب واجعلها في سقف