الفلك في زمان أن لا يصح منها شيء وإن غيص على دقائقها، وبلغ إلى أعماقها؛ وقد يزول ذلك الشكل فيجيء زمان لا يبطل منها شيء فيه، وإن قورب في الاستدلال؛ وقد يتحرك هذا الشكل في وقت آخر إلى أن يكثر الصواب فيهما ويتقاربان، ومتى وقف الأمر على هذا الحد لم يثبت على قول قضاء، ولا يوثق بجواب.
فقال أبو سليمان: هذا أحسن ما يمكن أن يقال في هذا الباب، وهو الذي من كلام الشيخ ألي محمد.
قيل بعد هذا كله: فأما الجواب الذي هو كالبشرى بفائدة هذا العلم وثمرة هذه الحال، على ما تقدم من قول من قال من الجماعة، فهو ما أختم به هذا المقابسة إن شاء الله تعالى. وإنما أحيز في الرواية قليلاً لأن كلام القوم اختلط اختلاطاً منع من أداء ما جرى من ذلك على كنهه وخاصته، بعضه بالطول، وبعضه بالتحريف، وبعضه بالدقة والغموض، وبعضه بالكناية والتعريض؛ ولولا أني خلعت الحياء خلعاً، وتصديت للوم تصدياً، في تحرير هذا الكلام على ما به من اضطراب اللفظ، وانتثار المعنى، وزيغ التأليف، وترامي الحكاية، لكان ذلك كله منسياً في جملة ما نسي، ومغموراً في غمار ما جهل، وفائتاً في عرض ما فات، والعلم، حرسك الله، وحشي، والحكمة نفور، والبيان حروف، والبلاغة ظنون، والجهل صاحب، والسفه طباع، والعي ألوف، والقلب شعاع. وعلى ذلك فقد نسقت في هذا الكتاب ما إن لم تكن فيه فائدة لغيري، لم يعد أن تكون تذكرة لنفسي وتبصرة لمن يعزو معزاي. إلى الله نشكو تسوالنا في إيثار الصدق، وتحقيق العقد، وتصفية الخلق، وما قد حل بنا، ونزل بساحتنا، من فقد الناصر، وإسلام المعين، فنحن كما قال القائل: افتضحنا فاصطلحنا.
قال بعض الحاضرين: إن الله تعالى وتقدس، اخترع هذا العالم وزينه ورتبه، وحسنه ووشحه، ونظمه وهذبه، وقومه وأظهر عليه البهجة،