للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجد مجموعاً أن ينتفع بسياقه الشيء إلى الكمال إذا لم يحفظ علته، ولن ينتفع بحفظ علته إذا لن يصر ذاته بنفسه مستحفظاً لطباعه على أخص كماله وما لم يصر آمنا في سربه من طغيان آلاته المغيرة إلا عنده، ولن ينتفع بالأمن عنده إلا إذا لم يكن الأمن أبدياً على الإطلاق. إن شرف الإنسان هو الفوز بالسعادة العظمى ونيل المنزلة عند ربه ومن الواجب أ، يكون عرض الصناعة المعينة بشأن الإنسان ما هو إنسان أعني النسك والزهد، هو تحصيل السعادة العظمى والمنزلة عند الله تعالى وكان الشخص الواحد من أشخاص الناس غير صالح لإستبانة صور الموجودات كلها في ذاته فيصر بذلك عالما على حدته حسب ما في أشخاص الحيوانات للآخر، لما امتنع أن يفنى فناء أبدياً ويخلفه الآخر مكانه. ازدحام الصور المتقابلة في الجوهر النفساني ليس بممتنع، وازدحام الصور الكثيرة إلى ما يتناهى ليس بمموه، فبورود التلاشي عليه إذاً ليس بواجب، وحصرها إذا تحلت بالأبديات الكلية بطباعنا الخاصية. غير بعيد أن يكون الكمال المطلق هو أن يصير جوهره بحسب السعي الاختياري حكيماً قادراً جواداً. وهو يصير العبد ربانياً بالحقيقة. لما جعل الشخص الحيواني توليد المثل لبقاء نوعه فقد أهدى بالطبع المتمم لغايته. وبالعكس لما حرم الكمال الأشراف بنفس حياته قصر طباعه عن التصور له رأساً فلو ضاهاه الإنسان في هذا الكمال لشاكله في القصور عن التصور. إذا سعد العبد بوصال مولاه على الحقيقة فقد صارت دنياه آخرته، وموته حياته، وفقره غناه، ومرضه صحته، ونومه يقظته، وضعفه قوته، وهمه فرجه. وإذا شقى بالحجب عن مولاه فقد انقلب الأمر بالضد.

مراتب العبودية في العيشة الدنياوية على الحقيقة أربع: أولها الاهتمام للسعادة، ثم السلوك إليها، ثم الحصول عليها، ثم الاستمساك بها. وفي العيشة

<<  <   >  >>