ورأيت أن إخلالي بتحصيل على أي وجه كان، أشد من إخلالي بتقصير يمر في جملة ذلك، فتعرضت له على علم مني بقلة السلامة، على أن من أنحا علي بحده، وكشر لي عن نابه، وجعل صوابي خطأ، وخطأي فيه عارا، احتملت وصبرت وتغافلت وعذرت، وإذا كنت في جميع ذلك راوية عن أعلام عصري وسادة زماني، فأنا أفدى أعراضهم بعرضي، وأقي أنفسهم بنفسي، وأناضل دونهم بلساني وقلمي، ونظمي ونثري، وأرجو أن لا أخرج عند التصميم وضيق العطن عند الخصام إلى مفارقة الأدب، وإلى ما يقبح الأحدوثة، فأقول قولاً يورث الندامة، وأبرز بروزاً يجلب الملامة، ولست أنافس أحداً على هذا الحديث إلا بعد أن يرسم بقلمه في هذا الفن عشر أوراق يسلم فيها كل السلامة، ويتبرأ فيها من كل قالة، وهذا ما لا يتطاول له كل أحد، ولا يعثر به كل إنسان، والطعن بالقول سهل من بعيد، والعنف خفيف على لسان كل غائب، والتعقب مركز في كل وقت، ولكن الستر أجمل، والإبقاء أحمد، ولأن يطلب التأويل في سهو يعرض أحسن من أن يستبان الخلل فيما لعله يتسبب، على أن الحسناء لا تعدم ذاماً، كما أن المحسنة لا تعدم ملاما، والسلام.
والمقابسة التي من قول العامري قد جعلناها مقصورة على حدود حصلناها، وفي نثرها فوائد جمة، ولو كان الوقت يتسع لوصلنا جميع ذلك بما يكون شرحاً له وشاهداً معه، وإذا عاق ما لا خفاء به من المكروه والعلم في النفس، والحال في الإخوان، فلا بد من الرضى بالممكن والنزول عند التسهيل والقناعة.
قال: ما حد الكلام؟ الجواب: أنه مؤلف من صوت وحرف ومعان. يقال: كيف يحصل؟ الجواب: بجذب الإنسان الهواء بالحركة الطبيعية وحصره في قصبة الرئة ودفعه