قلت له: أكره أن أرتجل الجواب عنها، لعلي أدفع فيه إلى الاعتذار منه، وأنا أسأل شيخنا أبا سعيد السيرافي غداً إن شاء الله، وهو اليوم عالم العالم، وشيخ الدنيا، ومقنع أهل الأرض.
فقال: إنه كذلك، اجعله منك على بال، وتلطف في تحصيل ما عنده أجمع في هذه المسئلة.
فسألت أبا سعيد عنها فقال: هذا من قبيل الأسماء المحضة، لا من قبيل الأسماء المشوبة، فلا يقال لذلك إنه فعيل بمعنى فاعل، كقدير بمعنى قادر، ولا يقال إنه فعيل بمعنى مفعول، كذبيح بمعنى مذبوح ولكن يقال هو فعل في أصله كجبير وأثير، ومع هذا فمعنى الفعل به أقرب من معنى الفعل منه، ولفعيل أسرار ووجوه، وقد كان بعض الناس زل فيه عند بعض الأمراء، وإذا لم يكن بد من اعتباره على طريقة هذا السائل، فلأن يكون بمعنى مفعول أولى، وذلك أنا نقول: طباعه كذا وكذا، وطبيعته، أي ما طبع عليه، وبمعنى فعل، والمفعول فيه أبين، وأخواته يدللن على ذلك، أعني الضريبة، والسليقة، والسجية، والغريزة، والنحيزة.
قال: وهذا كلام كاف في الحرف.
فاستزدته فاندفع فأتى بأشياء لك نشرها ههنا كالحواجب، وإن لم تكن محتاجاً إليها من كل وجه، ولكن الكلام له صورة لا تملك، وغاية لا تدرك، وإذا أعادها زدته بفائدة لعلها تشاكل نفس ما نحن فيه، وتسهل له، وتحدث عنه، فقد برئنا من العنف واللوم والإفراط في التوبيخ، إن شاء الله تعالى.
قال: واعلم أن للأفعال مراتب مختلفة، ومواضع متباينة، فالظاهر منها مرتبة ضرب، وما ماثله فإنه نافر، أي مبعد، ولست أعني بما مائله ما كان ملاشياً، بل ما زاد عليه أيضاً، ولكن بعد أن يكون له أثر منفصل من فاعله، ثم ما عدا هذا أيضاً مراتب أعلى ما يلزم كقولك خلا، وعدا، وكرم وظرف، وعلم، وسلم، وثبت، ورتب،