محققة، أو مصانة ملحقة، ومعروفة محضة، ولم يكن المذهب ما زعم. وأرباب الكلام والدين يأبون تأثير هذه الأجرام العالية، في هذه الأجسام السافلة، وينفون الوسائط والوصائل، ويدفعون الفواعل والقوابل. فحصلت حفظك الله المسألة بعد تشذب الكلام فيها، ووعيتها جهدي من أولها إلى آخرها، بطولها وعرضها، ودخلها ومغزاها. ولا أشك في أطراف زلت عني عند اختلاقها واقتباسها، وقد ثقفت الجواب عنها على أوجه أنا أجتهد في الأعراب عنها في هذا الموضع بمبلغ وسعى؛ فإني بين فائتة لا علم لي بها. وبين زيادة لا يطمئن متن الكلام إلا بها، وكلتاهما خطة صعبة لولا كلف النفس بالعلم ومحبتها للفائدة، لكان الإضراب عنها أذب عن العرض، وأصون للقدر، وأبعد من استدعاء اللائمة ممن لعله لو أتى بهذا المقدار لكان عندي عظيم المنة، حقيقاً بالشكر والمحمدة.
فأول ما قيل في ضد هذا الكلام: هذه العلوم والمعارف كلها من أثار هذه الأجرام العلوية، وسهام الخواطر السريعة والبطيئة والمتوسطة، على أشكال صحيحة دائبة، وأسباب على الطبيعة جارية.
ثم رجع إلى الجواب، فقال قائل: عن هذه المسألة، لا على هذا التهويل، جوابان مختلفان، من وجهين مختلفين: أحدهما هو زجر عن النظر فيه لئلا يكون هذا الإنسان مع ضعيف مخيلته، واضطراب غريزته، وانفتات طينته، وانبتات مريرته، عن ربه بحاثاً، متكبراً على عباده، ظاناً بأنه مأتي في شأنه، قائم بجده وقدرته، وحوله وقوته وتشميره وتقليصه، وتهجيره وتعريسه، فإن هذا النمط يحجز الإنسان عن الخشوع لخالقه، والإذعان لربه، ويبعده عن التسليم لمدبره، ويحول بينه وبين