ولا ما عن يمينه، ولا ما عن يساره، كذلك للغيب سبحاً لم يطلع على سر هذا الشاهد، ومكنون هذا الجلي، وباطن هذا الظاهر، ومعقول هذا الذي تم عليه الحس، وخفي هذا الذي وقع عليه الحدس.
قال: والمرض والعافية في الأبدان بمنزلة الغنى والفقر في الأحوال، والغنى والفقر في الأحوال بمنزلة العلم والجهل في القلوب، والعلم والجهل في القلوب بمنزلة العمى والبصر في العيون، والعمى والبصر في العيون بمنزلة الشك واليقين في الصدور، والشك واليقين في الصدور بمنزلة الغش والنصح في المعاملات، والغش والنصح في المعاملات بمنزلة الطاعة والمعصية في الأعمال، والطاعة والمعصية في الأعمال بمنزلة الحق والباطل في المذاهب، والحق والباطل في المذاهب بمنزلة الخير والشر في الأفعال، والخير والشر في الأفعال بمنزلة الكراهة والمحبة في الطباع، والكراهة والمحبة في الطباع بمنزلة الهجر والوصل في العشرة، والهجر والوصل في العشرة بمنزلة الرداءة والجودة في الأشياء، والرداءة والجودة في الأشياء بمنزلة الصلاح والفساد في الأمور، والصلاح والفساد في الأمور بمنزلة الضعة والرفعة في المراتب، والضعة والرفعة في المراتب بمنزلة القبح والحسن في الصورة، والقبح الحسن في الصورة بمنزلة العي والفصاحة في الألسنة، والعي والفصاحة في الألسنة بمنزلة الأعوجاج والاستقامة في الأعضاء، والاعوجاج والاستقامة في الأعضاء بمنزلة الحياة والموت في الأجساد، والحياة والموت في الأجساد بمنزلة الشقاء والسعادة في العواقب. فما أحوج هذا الإنسان بعد قيام هذه الأمور إذاعته ومحله وصرفه إلى يقظة بها يكيس في معاشه، ومنها يقتبس لمعاده، ويقتنى ما يحمد ريعه وجدواه، ويجتنب ما يصير سبباً لشقائه في عقباه؟ فباب الخير مفتوح، وداعي الرشاد ملح، وخاطر الحزم معترض، ووصايا الأولين والآخرين قائمة، ومزاحمتهم موجودة، والخوف عارض،