للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويربط ابن الكلبي بين هذه القصة وقصة أخرى نسبت إلى جذيمة، كما نسبت إلى عدة ملوك من خلفائه، هي قصة النديمين، إذ أراد مكافأة الرجلين فخيرهما فيما يطلبان فقالا: منادمتك ما بقيت وما بقينا، فيصبحان نديميه في القصة المعروفة، وقد ضرب بهما المثل كما في قول أبي خراش الهذلي:

ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... خليلَا صفاء مالكٌ وعقيل

أو كقول آخر:

وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل: لن يتصدعا

ثم يستطرد صاحب الأغاني إلى قصة جذيمة مع الزباء التي استدرجته إلى عاصمتها بدعوى الزواج منه، لكنها فتكت به انتقامًا منه لقتله والدها -كما قدمت في بحث المملكة التدمرية- إنما يورد ما لا يقبله الذوق والمنطق التاريخي من تصوير الزباء، سواء كانت ملكة تدمر أو غيرها، بصورة لكعاء ليست بذات خفر١، مما لا يتفق مع أخلاق الملوك. وهكذا نلاحظ أن الأخباريين يتخبطون في روايات يسودها الاضطراب ويسيطر عليها الخيال، ولا نستطيع أن نستنتج منها مادة تاريخية يوثق بصحتها.


١ الأغاني: ١٦/ ٥٦٦٥، ابن الأثير: الكامل ١/ ١٩٨-٢٠٠.

<<  <   >  >>