للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صنمين يقال لهما "الضيزنان" وضعهما في مكان معروف بالحيرة، وكان يستقي ويستنصر بهما، وأنه كان يغازي قبيلة "إياد" النازلة في عين أباغ فسرقتهما إياد، ثم اضطرت إلى مفاوضته في ردهما، فاشترط عليها أن ترسل معهما غلامًا عندها، سمع بجماله وظرفه يسمى "عدي بن نصر" فوافق على ذلك، وهناك من الأخباريين من يجعل عديًّا ابن عم له، فضم عديا إلى حاشيته وولاه شرابه١. وتتمة الرواية أن عديا أحب أختا لجذيمة اسمها "رقاش" وأحبته، فتحايلا على أخيها فخطبها عدي منه وهو سكران، وبنى بها في الليلة نفسها٢. ولما كان الصباح وصحا جذيمة أدرك الحيلة فخاف عدي وهرب. ثم وضعت رقاش صبيًّا جميلًا سمي "عمرو" لم يلبث جذيمة أن أحبه وجعله وليا لعهده، فلما توفي تسنم العرش مكانه. وهناك روايات أخرى تجعل عديًّا ابنًا لربيعة بن نصر أو لنصر بن ربيعة في روايات أخرى؛ ولذا عرف ملوك الحيرة باسم "آل نصر" أيضًا٣.

أما رواية ابن الكلبي في الأغاني فتجعل عديا غلاما من لخم كان مقيما مع أخواله من إياد، حينما استقدمه جذيمة ليكون نديمه، ولم تذكر قصة الضيزنين ومغازاة إياد، إنما تنتهي بقصة أسطورية تقول: إن الجن استطارت عمرًا فاختفى، ثم تشاء الصدف أن يلتقي برجلين ومعهما قينة تسمى أم عمرو نصبت قدرا وصنعت طعاما، وهو على هيئة ذَرِيَّة، أشعث أغبر طالت أظافره، يمد يده إليها فتناوله شيئا يأكله، ثم يمدها ثانية فتقول: "إن يُعْطَ العبد كراعًا يتسع ذراعًا" فتذهب مَثَلًا، ثم تناول صاحبيها شرابا وتربط دنها، فيقول لها عمرو:

صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا

وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا

ثم يتعرف الرجلان عليه فيعيدانه إلى خاله، وتلبسه أمه لباس الملوك وتجعل في عنقه طوقًا، وتدخله على جذيمة فيقول: "شب عمرو عن الطوق" فتذهب مثلا.


١ د. جواد علي ٤/ ٢٤-٢٥.
٢ ابن الأثير: الكامل ١/ ١٩٧.
٣ د. جواد علي: ٤/ ٢٩.

<<  <   >  >>