للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصص في الغنائم التي تحصل عليها القبيلة في الغزوات والحروب، وأن تكون له منها حصة الأسد: يأخذ النشيطة "ما تصيبه في طريقها إلى الغزو" والصفية "ما يصطفيه لنفسه من الغنيمة" والمرباع "ربعها" والفضول "ما يفضل منها بعد قسمتها فيهم ولا يمكن تقسيمه، كالبعير الواحد أو الشاة الواحدة". وهو يعتبر ذلك كله حقًّا من حقوق رئاسته وسيادته للقبيلة، يعده لما يطرأ من النوائب، وما يتحمل من التبعات المالية١، فيفي بما يوجب عليه الكرم والجود من موجبات هي في أخلاق البادية فرض واجب على الزعيم والرئيس. وقد جمع أحد الشعراء ما يصيب رئيس القبيلة من الغنيمة في بيت واحد من الشعر:

لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول

وعلى الرغم من أن تولي الرئاسة يكون قائما على مبدأ الانتخاب، لكنه ليس انتخابا بالمعنى الذي نفهمه اليوم، بل هو أشبه بالاختيار التلقائي، إذ يفرض الرئيس نفسه على قبيلته بما وهب من صفات ذكرناها. ومع أن الحكم في القبيلة وراثي، ينتقل في الغالب إلى أكبر أبناء الرئيس، فإنه كثيرًا ما يتعين على الابن أن يحقق هذه الزعامة لنفسه بأن يقيم الدليل٢ -مستقلا- على شدة بأسه وقوة مراسه، ولا يتنكر في سلوكه للصفات التي يجب أن تتوفر لرئيس القبيلة حتى يسودها ويدير شئونها، كما يفصح عن ذلك عامر بن الطفيل أحد زعماء القبائل في الجاهلية٣:

وإني وإن كنت ابن سيد عامر ... وفي السر منها والصريح المهذب

فما سودتني عامر عن وارثة ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب

ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمقنب٤


١ الشيخ محمد الخضري: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية، ١/ ٣٨.
٢ بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية, ٢/ ١٨؛ دائرة المعارف الإسلامية, مادة "بدو".
٣ المسعودي: مروج الذهب، ٢/ ٢٩.
٤ أو كما يقول شاعر آخر:
لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يومًا على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثلما فعلوا

<<  <   >  >>