وكان النصر في أول النهار لكنانة على هوازن وحلفائها، حتى إذا كان آخر النهار، تداعت هوازن وصبرت، وأحرزت النصر على كنانة.
وعادت هوازن وكنانة إلى الحرب في يوم عُرِفَ بيوم "العبلاء" واقتتلوا وكانت الهزيمة من نصيب كنانة أيضًا.
وقد حز في نفس كنانة أن تهزم في يومي "شمطة" و"العبلاء" وراح رؤساؤها يستعدون للانتقام، وتكتلوا وأكثروا من شراء السلاح، وحمل عبد الله بن جدعان ثري قريش يومئذٍ ألف رجل من كنانة على ألف بعير، وتولى قيادة كل بطن رئيسه، واقتتل الناس قتالًا شديدًا في يوم عرف باسم "يوم عكاظ" الذي انتصرت فيه كنانة على قيس، وكان زعماء قريش "حرب" و"سفيان" و"أبو سفيان" وبنو أمية بن عبد شمس قد عقلوا أنفسهم وقالوا: "لا نبرح حتى نموت مكاننا أو نظفر" فسموا لذلك باسم "العنابس" أي: الأسود.
أما اليوم الأخير فهو المعروف باسم "يوم الحريرة" الذي اقتتل فيه الطرفان قتالًا فاترًا بحيث يلقى الرجلُ الرجلَ، والرجلان يلقيان الرجلين، فيقتل بعضهم بعضا، دون أن يحرز فريق على الآخر أي نصر. ثم تداعيا إلى الصلح على أن يعدوا القتلى، فأيهما له فضل من القتلى على الآخر تدفع له ديتهم.