للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطيب، ثم يرتحلون فينزلون الرابية من حضرموت، ومنهم من يجوزها إلى صنعاء، ثم تقوم أسواقهم بها، ويجلبون منها الخرز والأدم والبرود، وكانت تجلب إليها من معافر، ثم يرتحلون إلى عكاظ في الأشهر الحرم، فتقوم أسواقهم ويتناشدون الأشعار ويتحاجون، ومن له أسير سعى في فدائه، ومن له حكومة ارتفع إلى الذي يقوم بأمر الحكومة، وكان الذي يقوم بأمر الحكومة فيها من بني تميم، وكان آخر من قام بها منهم الأقرع بن حابس التميمي، ثم يقيمون بعرفة ويقضون مناسك الحج، ويرجعون إلى أوطانهم".

إن أشهر أسواق شرقي شبه الجزيرة العربية: سوق "المشقَّر" بالبحرين قرب هجر، وكان يرتادها ساكنو الجهات الشرقية والغربية من شبه الجزيرة, كما يرتادها تجار الهند وفارس. ويرتاد هؤلاء سوقًا أخرى في البحرين هي سوق هجر. وفي عمان وجد سوقان إحداهما سوق "دبا" وكانت مقصد الصينيين والهنود إلى جانب من يقصدها من سكان شبه الجزيرة، والأخرى سوق "صحار".

واشتهر في جنوبي شبه الجزيرة العربية: سوق "الشحر" في المهرة، وسوق "عدن" وسوق "الرابية" بحضرموت وسوق "صنعاء" في اليمن. وفي شمالي شبه الجزيرة سوق "دومة الجندل" وتقع على منتصف الخط الواصل بين العقبة والبصرة تقريبًا، وبالقرب من جبلي طيء "أجأ وسلمى"، وكان يتنافس على رئاستها كل من أكيدر العبادي من السكون، وقنافة من بني كلب أيهما كانت له الغلبة عشَّر السوق. وأكيدر هو صاحب حصن دومة الجندل الشهير, وقد دهمه خالد بن الوليد بمناسبة وقعة تبوك، وتغلب عليه فأسلم بعدئذٍ. كان البيع يجري في هذه السوق بطريقة "بيع الحصاة" ولم يكن أحد ممن يرتاد السوق يشتري أو يبيع حتى يبيع "الأكيدر"، ملك السوق، كل شيء يريد بيعه، ثم يشرع في استيفاء المكس على بيوع رواد السوق١.

أما غربي شبه الجزيرة، ولا سيما الحجاز، فقد حفل بكثير من الأسواق، وكان السبب في كثرتها أولًا: وجود الكعبة كمركز ديني يستقطب الوافدين إليه لإقامة الشعائر الدينية، وبالمناسبة للقيام بالأعمال التجارية في أسواق أقيمت لمد الحجاج بما يحتاجون


١ الأفغاني: أسواق العرب، ص٢٣٢-٢٣٨.

<<  <   >  >>