للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحُلَّة:

ومن الروايات أن أيًّا من الحلة طاف بثيابه ألزم بطرحها بعد الطواف، ولا يجوز له استعمالها بعدئذ، وتبقى في مكانها حتى تبلى من الوطء والشمس فتسمى عندئذ "لقًى". وفي رواية أخرى أن من يطوف من الحلة بثيابه يضرب, وتنتزع منه ثيابه، ويلزم أن يأخذ من الحمس ثيابا للإحرام تسمى الثياب الأحمسية، إما شراء أو إعارة أو هبة، وإلا فإن عليه أن يطوف عاريًا. وتخضع النساء لهذه القاعدة أيضا، إنما كن يتفادين انكشاف عورتهن للحجاج، بأن يتخذ بعضهن سيورًا يعلقنها على خصورهن، أو يطفن في دروع مفرجة المقاديم والمآخير، فيستترن بها، أو يطفن ليلًا.

والتفسير الذي أعطي لهذه الفروض، هو الحرص على أن يكون الطائف نقيا متحررا من آثامه، فلا يطوف في ثياب قارف فيها الذنوب، فيلزم بتدارك ثياب من الحمس، باعتبارهم متشددين في دينهم أتقياء زهاد، فالثياب التي يبيعونها أو يؤجرونها نظيفة كنظافة أهلها، بعيدة عن الإثم بعدهم عنها، فهي الثياب الوحيدة الصالحة للطواف. ولا بد أن يكون طواف العري -والحالة هذه- طوافًا دوافعه فقر الطائف، وعدم تمكنه من شراء أو استئجار ثوب من الأحمسي ليطوف به، وعدم قدرته من جهة أخرى على طرح ثيابه لتصبح "لُقًى" إذ لا ثياب له غيرها، فلا يكون أمامه سوى الطواف عاريا١. على أن الإسلام قد حرم طواف العري، وحتم على قريش وغيرها لبس "الإحرام".

الحُمْس:

والحمس على نقيض الحلة, إنهم من قريش وحلفائها. ومعنى الكلمة التشدد في الدين، وكانوا إذا زوجوا امرأة منهم إلى أحد من غير الحمس، فرضوا عليه أن يكون نسله منها حمسًا، بينما كانوا يتزوجون من أية قبيلة كانت دون قيد أو شرط. وكانوا إذا أحرموا لا يسلئون السمن، ولا يأتقطون الأقط "أي: لا يصنعون طعامًا من اللبن المخيض"، ولا يأكلون الزبد، ولا يغزلون الوبر والشعر، ولا يستظلون بخيام صنعت بها, بل يستظلون


١ جواد علي: ٥/ ٤٢٢.

<<  <   >  >>