للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدم ما داموا حرمًا، ويطوفون بالبيت بثيابهم. وإذا أحرم أحدهم وكان من أهل المدر، نقب نقبًا في ظهر بيته منه يدخل ومنه يخرج, ولا يدخل من بابه. وكانوا يفرضون على غير الأحمسي ألا يطوف بالبيت إلا بثياب أحمسية، وألا يأكل في الحرم إلا من طعام أهل الحرم، أكان ذلك شراء أو قراء، كما كلفوا العرب أن تفيض من مزدلفة بدلًا من عرفة التي كانوا يفيضون منها١.

يتبين مما سبق، أن الحمس هم عمومًا من سكان مكة أهل الحرم، وأما الحلة فمن غير أهل مكة. فلأهل مكة امتيازات خاصة، ميزوا أنفسهم بها عن سائر الناس؛ لأنهم جيران البيت وسدنته، وقد شرفوا على غيرهم بوجوده بينهم، فجعلوا من أنفسهم طبقة أرستقراطية، وفرضوا نفوذهم على العرب جميعا لحاجة هؤلاء إليهم.

الطُّلس:

وهم وسط بين الحمس والحلة كما قيل، يصنعون في إحرامهم ما يصنع الحلة، ويصنعون في ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع الحمس، فلا يطوفون عراة ولا يستعيرون ثياب الحمس، لكنهم يدخلون البيوت من أبوابها، ويقفون مع الحلة ويصنعون ما يصنعون٢ ولا يختلفون عنهم إلا في قصة طواف العري. وهم سائر أهل اليمن وأهل حضرموت وعك وإياد.

الحلق والتقصير والهدي:

كان الحلق والتقصير قبل البعثة من علامات التحلل من الإحرام بعد أداء المناسك، فلا يحلق الحاج قبل تقديم قربانه. وكان يطلق على القرابين اسم "الهدي والقلائد" وهي الحيوان الذي يسوقه الحاج ليذبحه قربان شكر للآلهة. وكان من عادة العرب أن يضعوا في عنق الهدي قلادة من سيور الجلد أو ألياف الشجر أو فتيل الخيط. كما يعمدون إلى إشعار البُدْن أي جرحها جرحًا خفيفًا في سنامها، فيسيل دمها على ظهرها، إشارة إلى كونها هديًا فتصبح بذلك محرمة، ويسمون البدن المجروحة "شعيرة".


١ ياقوت الحموي: معجم البلدان, مادة حمس ومكة.
٢ جواد علي: ٥/ ٢٢٨-٢٢٩.

<<  <   >  >>