للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما نراه في اللغات الآرية من إدغام كلمة بأخرى لتصبحا كلمة واحدة تدل على معنى مركب١.

وقد استنتج العلماء من ذلك، ولا سيما من تشابه الشعوب التي تتكلم هذه اللغات في عاداتها وتقاليدها الاجتماعية وفي طراز معيشتها وطقوسها الدينية، وفي التعابير التي تدل على التنظيم السياسي والاجتماعي والديني عندها، بأنها تؤلف مجموعة واحدة، وأن ثمة وحدة مشتركة تجمع شملها وتنظمها في أصل واحدة قالوا: إنه الأصل السامي نسبة إلى سام بن نوح، فصارت تعرف باسم الشعوب السامية، واللغات التي تتكلم بها باسم اللغات السامية، بعد أن كان يطلق عليها اسم اللغات الشرقية, كما أطلقوا على اللغة الأم التي انبثقت عنها اسم "اللغة السامية الأم". لكنهم اختلفوا في أيها تكون اللغة الأم، فقال بعضهم بأنها اللغة العبرية وآخرون بأنها السريانية وجماعة أخرى بأنها اللغة العربية. غير أن المستشرقين رأوا في النهاية أن ذلك ضرب من العبث؛ ذلك أن اللغات السامية الباقية إنما هي حصيلة سلسلة من التطورات لا تحصى، مرت بها كل لغة من هذه اللغات حتى وصلت إلى حالتها الحاضرة؛ فأصبحت مزيج لغات ولهجات متفرعة عن لغة محكية زالت من الوجود وانقرضت٢. غير أن لجورحي زيدان رأيًّا في اللغة العربية إذ يقول في كتابه "طبقات الأمم، ص٤٢": إن اللغة العربية هي أسمى اللغات السامية, ومعرفتها ضرورية لإتقان أخواتها.

ظهرت التسمية للمرة الأولى عام ١٧٨١م في دراسة قام بها المستشرق النمساوي "شلوزر SCHLOZER" وقد أخذها عن التوراة، ذلك أن التوراة يرجع الخليقة إلى آدم وذريته، ومنهم سام وحام ويافث أولاد نوح، مبينًا أن البشر كانوا على لسان واحد ثم تفرقت الألسن بتفرق أنسال هؤلاء الأبناء على مختلف المناطق في العالم "من هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم، كل إنسان كلسانه، حسب قبائلهم بأممهم"٣. وقد حدد


١ إسرائيل ولفنسون: اللغات السامية، ص١٤-١٥ "راجع محمد عزة دروزة: تاريخ الجنس العربي، ١/ ١٢".
٢ الدكتور جواد علي: ١/ ١٦٧.
٣ سفر التكوين: الإصحاح ١٠ "وبحسب التوراة تنقسم شعوب العالم إلى ثلاثة: الساميون، الحاميون، واليافثيون أي: الآريون".

<<  <   >  >>