بين الشعوب السامية إلى الزعم بأن ثمة عقلية خاصة تطبع الشعوب السامية بطابعها وتختلف عن العقلية الآرية. فقد عمد رينان في كتاب ألفه عن أديان الساميين إلى تحريف نظرية "شلوزر" في الأصل السامي, فزعم أن الساميين يرجعون إلى أصل واحد يتميز أفراده بالنظرة الجزئية إلى الأشياء وتأثرهم بالغيبيات، وميلهم إلى البساطة في التفكير، وعزا ظهور الأديان السماوية التوحيدية عندهم إلى هذه الصفات، معتقدًا أن هذه الصفات العقلية ترجع إلى عوامل بيولوجية موروثة من جنسهم وتختلف عن عقلية الآريين. ويبدو هنا تأثره بالنصرة القومية والروح الاستعمارية اللتين سادتا أوروبا في القرن التاسع عشر، فشاء أن يصم الشرقيين الساميين بالتخلف العقلي فطريًّا، قياسًا بالتفوق العقلي عند الأوروبيين الآريين خدمةً منه لغابات استعمارية مقصودة.
غير أن أغلبية العلماء المختصين شجبوا مزاعمه؛ لعدم ثبوت نظرية العرق الصافي. فما من شعب يستطيع أن يدعي صفاء عرقه ودمه، بل ثمة شبه إجماع على أن التمازج بين الشعوب شيء مسلم به، وأن اختلاف الشعوب في العقلية والتفكير لا يكون نتيجة صفات عرقية خاصة، بل نتيجة ظروف اجتماعية؛ ولذا فإن المهم في بحث مسألة الشعوب السامية هو دراسة الحقل "حقل اللغة والتقاليد الاجتماعية" الذي تظهر فيه الخصائص والصفات المشتركة التي تميز حضارتها، وأحرى أن تكون التسمية السامية محض اصطلاح أو مفهوم لغوي واجتماعي لا ينطوي على أي تمييز عرقي.
على أساس هذا المنهج انصرف العلماء بعدئذ ٍ إلى بحث المسألة السامية، ووجهوا اهتماما خاصا إلى البحث حول المهد الذي نشأ فيه الساميون، وكيف ومتى انتشروا منه, وإلى أي الجهات توجهوا واستقروا. وقد اختلفت وتناقضت أقوالهم إلى أن تركزت الآراء حول نظريات خمس: