الأكاديون فيها محل السومريين المتحضرين، بعد أن اقتبسوا منهم فن الكتابة وأساليب الزراعة. وتبع الأكاديين، بعد ذلك وفي الألف الرابعة نفسها، الكلدانيون ثم الآشوريون واستوطنوا بلاد الرافدين.
وفي حوالي عام ٢٩٠٠ق. م، قامت موجة أخرى حملت الكنعانيين إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وإلى ربوع بلاد الشام الداخلية، حيث تفرع منهم الفينيقيون الذين سكنوا سواحل بلاد الشام، كما حملت العموريين الذين استوطنوا المناطق الشمالية الداخلية، وقد اتجه قسم من هذه الموجة إلى بلاد الرافدين حيث ألفوا سلالة بابلية سنة ٢١٠٠ ق. م.
وفي سنة ١٥٠٠ ق. م، هاجر الآراميون من شبه الجزيرة العربية واتجهوا إلى بلاد الشام، حيث حلوا في ضواحي دمشق ومناطقها، وفي منطقة البقاع، كما حل العبرانيون في أراضي فلسطين إلى جانب الكنعانيين.
وفي حوالي سنة ٥٠٠ ق. م، قدم الأنباط إلى شمالي شبه جزيرة العرب حيث أقاموا حضارتهم في مدينة البتراء الواقعة إلى الشمال الشرقي من خليج العقبة، والتي اتخذوها عاصمة لهم، كما نزل التدمريون في واحة تدمر إلى الشرق من مدينة حمص.
وأخيرًا خرجت جموع العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي، وانطلقوا نحو الشمال حيث نشروا لواء الإسلام والعروبة على كافة بلاد الشرق القديم وشمالي إفريقيا، وامتدت سيطرتهم على قسم مهم من جنوبي أوروبا.
هذا ولا بد من تقييد البحث حول الموطن الأصلي للساميين في: أن كلًّا من النظريات الآنفة الذكر لا تخلو من عيوب وانتقادات، وحتى النظرية الأخيرة التي تبدو وكأن لها كثيرًا من المؤيدات المنطقية كما أسلفت؛ ذلك أنها تعلل بشكل مرضٍ وحدة العرق السامي ولغته وموطنه الأصلي، أقول: حتى هذه النظرية لا تخلو من ثغرة؛ إذ إنها تستند على موضوعات يصعب قبولها بسهولة من حيث تكاثر السكان في بلاد صحراوية لم يثبت بشكل قاطع أنها كانت في قديم الزمن كثيرة الأمطار، بل إن ما قيل عن رطوبة مناخها في الأزمنة الغابرة لا يزال في نطاق الفرضيات التي يجري التدقيق والبحث فيها.