سيقول: أما حذفه وأما ذكره، وإن جعلتها ظرفية ولفظ يكون عاملا فيها - فمعناه قد يكون له فى هذا الوقت متعلقات، وقد لا يكون، فصار كقولك (قد يقدم زيد غدا) فلا يصح ذلك إلا بتقدير عامل فى (إذا) التقدير ذلك إذا كان فعلا، أو فى معناه. وقوله:
(والكلام البليغ إما زائد على أصل المراد لفائدة أو غير زائد) دخل فى غير الزائد الناقص والمساوى، والمراد: أو غير زائد لفائدة؛ وإنما قدم الخبر لأنه أكثر بحثا؛ ولأن كثيرا من الإنشاء فرع عن الخبر، كالجملة التى يدخل عليها ليت، ولعل، والاستفهام، فذكر المصنف الإسناد والمسند إليه والمسند ثم المتعلقات ثم القصر الذى يعم الإسناد والتعلق ثم ذكر الإنشاء وكان ينبغى تأخير القصر عنه؛ لأن القصر يدخل فى الإنشاء كما يدخل فى الخبر.
ثم ذكر الفصل والوصل؛ لأن اعتبار العطف بعد تكميل أجزاء الجملة، ثم ذكر الإيجاز، والإطناب، والمساواة؛ لأنها تشمل جميع ما سبق، وذكر المصنف حصر الكلام فى الخبر والإنشاء، وهو كذلك؛ إلا أن منهم من يخص الإنشاء
بما لا طلب فيه، ويقسمه إلى: خبر، وطلب، وإنشاء، ومنهم من يجعله ثلاثة أقسام:(خبر) و (إنشاء) وهو ما دل على الطلب دلالة أولية، (وتنبيه)، ويدخل فيه الاستفهام، والتمنى، والترجى، والقسم، والنداء، وهو اصطلاح الإمام فخر الدين.
(قلت): ومنهم من يجعل الكلام خبرا وطلبا، وهو ابن مالك فى الكافية، ومنهم من يربع الأقسام فيقول: خبر واستخبار وطلب وإنشاء. واستدل المصنف على الحصر بأن الكلام إما يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه أو لا يكون له خارج، فالأول والثانى: الخبر، والثالث: الإنشاء وقد يقال: يرد على ظاهر عبارتهم الإخبار عن المستقبلات نحو (سيقوم زيد)؛ فإنه عند النطق به ليس له خارج يطابقه، أو لا يطابقه، فلا يمكن وصفه بذلك، ولا بصدق، ولا بكذب، وعند وجود المخبر به ليس الخبر موجودا حتى نصفه بصدق، ولا شك أن الإخبار عن المستقبلات يوصف بالصدق والكذب، قال تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١) فلهذا ينبغى أن يقال: إن كان محكوما فيه بنسبة خارجية فهو الخبر، كما فعل ابن الحاجب،