ولا فرق فى ورود ذلك عليهم، بين أن يكون المخبر به محقق الوقوع، مثل (ستطلع الشمس غدا)، أو لا، فليؤول كلامهم على أن مورد التقسيم ما له خارج بالقوة، أو الفعل، وقيل: الكلام لا يخلو: إما أن يمكن أن يحصل للمخاطب من غير أن يستفاد من المتكلم، مثل (زيد منطلق)؛ فإنه يمكن علمه بالمشاهدة، أو لا يمكن أن يحصل إلا بالاستفادة من المتكلم نحو (اضرب أو لا تضرب فالأول الخبر، والثانى الإنشاء، وهو فاسد؛ لأن الكلام ليس هو الذى يقال فيه: يمكن حصوله، أو لا؛ بل النسبة التى تضمنها الكلام هى المنقسمة لذلك. وأيضا يرد عليه نحو (أردت القيام) فإنها لا تعلم إلا من المتكلم فإن قلت يرد على عبارة المصنف أيضا؛ فإنه ليس له خارج، قلت: المعنى بالخارج ما كان خارجا عن كلام النفس، كما ذكره ابن الحاجب وغيره، ويمكن الجواب بأن المراد الإمكان العقلى، ونحو أردت القيام يمكن عقلا أن يطلع عليه من غير استفادته من المتكلم، ويمكن عادة بالقرائن، وخلق العلم الضرورى، وغير ذلك؛ بخلاف (اضرب زيدا). والظاهر أن مرادهم إما أن يحصل فى الوجود بالكلام، أو بغيره، فالأول الإنشاء، والثانى الخبر، وقد خرج من تقسيم المصنف حد الإنشاء، والخبر على رأيه فالإنشاء ما لم يكن لنسبته خارج تطابقه، والخبر ما لنسبته خارج تطابقه، أو لا تطابقه. وقد اختلف الناس فى حد الخبر؛ فقيل: لا يحد لعسره، وقيل: لأنه ضرورى؛ لأن قولنا:(زيد موجود) - مثلا - ضرورى؛ وإذا كان الأخص ضروريا فالأعم كذلك؛ لأن
الإنسان يفرق بين الإنشاء والخبر ضرورة، وأجيب بأن الحصول غير التصور، ولنا فى هذين الوجهين مباحث ذكرناها فى شرح المختصر، وذهب الأكثرون إلى أنه يحد؛ فقال القاضى أبو بكر، والمعتزلة: الخبر الكلام الذى يدخله الصدق والكذب، فأورد عليه أن يستلزم اجتماعهما فى كل خبر، وخبر الله تعالى لا يكون إلا صادقا، وأن كل خبر لا يجتمع عليه الصدق والكذب، وأجاب عنه القاضى بأنه صح دخوله لغة، وأورد عليه أنه دور؛ لأن الصدق هو الموافق للخبر، والكذب نقيضه، فتعريفه به دور، وقيل:
الذى يدخله التصديق أو التكذيب، فورد عليه سؤال الدور، واستعمال أو فى الحدود.
وجواب الثانى أن الترديد فى أقسام الحدود لا فى الحد، وقال السكاكى: إن صاحب هذا الحد ما زاد على أن وسع الدائرة، قلت: بل زاد، لأنه سلم عن السؤال الأول، وقال أبو الحسين البصرى: كلام يفيد بنفسه نسبة،