(ش): يعنى أنه يكون كالإثبات فى التأكيد وعدمه، لا أن ينزل على غيره، كما سبق ففى الابتدائى تقول:(ما زيد قائم) أو (قائما)(وليس زيد قائما) أو (ما ينطلق زيد) وفى الطلبى والإنكارى تأتى بمؤكد استحسانا فى الأول، ووجوبا فى الثانى، فتقول:
(ما زيد بقائم) أو (ليس بقائم) و (لا رجل فى الدار) بالبناء، فهو آكد من (لا رجل) بالرفع، أو (والله ليس زيد منطلقا)، أو (ما إن ينطلق)، أو (ما كان زيد ينطلق)؛ لأن (كان) تعطى تأكيدا، ولنفى المستقبل (والله لن ينطلق زيد) و (لا ينطلق زيد) إن قلنا: لا لنفى المستقبل فقط، كما هو مذهب سيبويه، وتقول لمن يبالغ فى الإنكار:(والله ما زيد بمنطلق) أو (ما إن ينطلق زيد) أو (ما هو بمنطلق) و (ما كان زيد لينطلق) إن لم تجعل المراد مريدا لينطلق، فإن جعلنا المراد ذلك فهذا معنى آخر. على أن فيها أيضا تأكيدا لأن نفى إرادة الفعل أبلغ من نفيه.
(فوائد):
إحداهن: اعلم أن المراد بالتأكيد هنا تأكيد لمضمون الخبر، وهو الحكم بالنسبة، أو ثبوتها على ما سبق، لا تأكيد المسند وحده، ولا المسند إليه، فلو قلت:(زيد هو القائم)، أو (زيد ضروب)، أو (زيد نفسه قائم)، فليس مما نحن فيه فى شئ؛ لأنه لا يلزم من تأكيد واحد من طرفى الإسناد تأكيد النسبة، وكذلك لو أتيت بما يفيد الاختصاص، كقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١) وبهذه الفائدة يتبين لك الحكمة فى عدم تعرضهم للتأكيد (بأن) المفتوحة. فإن لقائل أن يقول: يأتى فيها الخطاب ابتدائيا وطلبيا وإنكاريا، تقول فى الابتدائى:(علمت زيدا قائما) وفى الطلبى: (علمت أن زيدا قائم) وفى الإنكارى: (علمت أن زيدا قائم والله) فجوابه أن (أن) المفتوحة تنحل مع ما بعدها لمفرد، فالتأكيد لذلك المصدر المنحل، لا للنسبة، والكلام الآن إنما هو فى تأكيد الإسناد، لا فى تأكيد أحد طرفيه. على أن التنوخى فى أقصى القرب لما ذكر ألفاظ التأكيد ذكر أن المفتوحة والمكسورة، والتحقيق ما قلناه. وإذا ثبت ذلك اتجه لك منع فى حصول التأكيد لمضمون الجملة فى كثير مما سبق من صيغ النفى، فإن التأكيد