للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرابع: إسناده إلى ما ليس له عند المتكلم ولا فى الخارج، ولكن السامع يتوهم أنه عنده كذلك، وعلم بذلك أن قوله إسناد الفعل أو معناه جنس، وقوله لما هو له خرج به المجاز العقلى، مثل: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (١)، وضمير هو يعود على الفعل، أو معناه، وفى له يعود على (ما)، ودخل القسمان الأولان فى قوله: عند المتكلم، والآخران بقوله: فى الظاهر، فإن السامع يتوهم أنه له عند المتكلم، وخرج إخبار الإنسان بخلاف ما فى ذهنه، والسامع يعلم ذلك، وفيه نظر؛ لأنه إسناد عقلى، لكنه كذب، وليس فيه إسناد مجازى، فتعين أن يكون إسنادا حقيقيا كذبا.

وقد يجاب عنه بأنه لم يخرج، فإن كلام الكاذب فيه إسناد الفعل لما له عند المتكلم فى الظاهر بحسب وضع اللغة؛ لأنه كلام من شأنه أن يدل ظاهره على ذلك وإن تخلفت الدلالة هنا لمانع اعتقاد الكذب.

(تنبيه): قول المصنف (٢) خرج بقولنا إسناد الفعل أو معناه إسناد غيرهما إلى شئ فليس حقيقة ولا مجازا، مثل: الإنسان جسم، وليس كما قال؛ بل كل خبر ففيه الإسناد، وما ذكره يؤدى إلى نفى الإسناد؛ لأن من أثبت الحقيقة والمجاز العقليين فتقسيمه الإسناد إليهما منفصلة حقيقة، مانعة الجمع، والخلو، فكل إسناد ليس حقيقة، ولا مجازا لا

وجود له، ومن وقف على حدى الإسناد الحقيقى والمجازى عرف ذلك. ثم نقول: الإنسان جسم فيه معنى الفعل، باعتبار رجوعه إلى الإسناد المعنوى، وقد قدروا فى (زيد أسد، زيد جرى). وكذلك يقدر فى الجميع، ولا يلزم من ذلك أن يتحمل ضميرا، بل هذا تأويل معنوى لا لفظى، ولو لم يقل بتأويله بمشتق فلا شك فى حصول الإسناد كما هو ظاهر عبارة الشيخ عبد القاهر والسكاكى.

(تنبيه) هذا التقسيم مبنى على ثبوت الحقيقة والمجاز العقليين، وقد أنكره ابن الحاجب تصريحا فى أماليه، ومختصره الكبير، واستبعادا فى مختصره الصغير فى الأصول، وسيأتى الكلام عليه فى المجاز الإسنادى إن شاء الله تعالى.

(تنبيه): اعلم أن الإسناد الحقيقى ليس باعتبار التأثير، بل لأعم من ذلك، كقولك:

(خلق الله السماء) و (قام زيد) فزيد غير مؤثر القيام، بل هو واقع بخلق الله تعالى،


(١) سورة الزلزلة: ٢.
(٢) قال المصنف: أى فى كتابه الإيضاح أثناء الكلام على تعريف السكاكى. كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>