للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا فى كل إسناد، مجازيا كان أو حقيقيا، فنقول: إذا وقع الإسناد فالمحكوم عليه إما أن يكون هو الفاعل فى نفس الأمر، أو المصدر، أو الزمان، أو المكان، أو المفعول، أو السبب.

فالأول - وهو إسناد الفعل إلى فاعله لا يكون إلا حقيقة، ونعنى فاعله الذى هو له، مثل: (قام زيد) فقد أسند الفعل لفظا ومعنى إلى فاعله. هذا مضمون كلامهم.

الثانى - إسناده إلى المفعول، معناه أن يجعل ما هو له فى المعنى مفعول فاعلا، أو فى حكم الفاعل، فالفاعل كقوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (١) فإن راضية مسندة إلى ضمير العيشة، فقد جعلت العيشة فاعلا، وإنما هى مفعول فى المعنى لأنها مرضى بها، وكذلك: ماءٍ دافِقٍ (٢) فقد جعل المرضى به راضيا، والمدفوق دافقا، ومنه (سر كاتم) أى (مكتوم)

حكاه ابن السكيت، والذى فى حكم الفاعل (سيل مفعم)، لأن المفعم هو المملوء، والسيل فى الحقيقة مالئ للوادى، لا مملوء، فقد أسند الفعل إلى الفاعل، معناه أنه جعل ما هو الفاعل فى المعنى أى فى الأصل، وهو السيل، نائبا عن الفاعل لفظا، والنائب عن الفاعل لفظا مفعولا معنى، فقد أسند الإفعام فى المعنى إلى الوادى الذى كان مفعولا، فصار السيل مفعولا فبنى الفعل له. ونظر (٣) المصنف فى الإيضاح فإنه فى (عيشة راضية) جعل المفعول معنى فاعلا لفظا، وفى (سيل مفعم) جعل الفاعل معنى نائبا عن الفاعل، وهو المفعول فى الأصل، فقال: إن هذا عكس الذى قبله، وليس كذلك، بل (سيل مفعم) مثل (عيشة راضية)، فإن العيشة كانت مفعولا، جعلت فاعلا، والوادى كان

مفعولا صار فاعلا، ولذلك انقلب السيل الذى كان فاعلا مفعولا، فبنى له الفعل، فقيل: مفعم، وكذلك لو بنيت المفعول من عيشة راضية لقلت: عيشة مرضية.

الثالث: إسناده إلى المصدر، وهو أن تجعل ما هو فى المعنى مصدر فاعلا لفظيا، أو فى حكمه، مثل: شعر شاعر، فإن (شاعرا) أسند إلى ضمير الشعر، قلت: وليس مثالا صحيحا، لأن شاعرا فى قولنا شعر شاعر المراد به المشعور وهو نفس المنظوم لا الشعر الذى هو المصدر والمثال الصحيح:


(١) سورة القارعة: ٧.
(٢) سورة الطارق: ٦.
(٣) قوله ونظر: تحرر هذه الكلمة فإن الأصل الذى بيدنا سقيم. كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>